عقوبات واشنطن تشطب وظائف الإيرانيين بوتيرة متسارعة

تتزايد المؤشرات حول تأثر الاقتصاد الإيراني بالعقوبات الأميركية والتي تسبّبت في شطب العشرات من الوظائف بوتيرة متسارعة، في وقت فرضت فيه السلطات الإيرانية قيودا على بيع البنزين لمواجهة ظاهرة التهريب، في محاولة لتفادي ما هو أسوأ.
 
تواجه الشركات الإيرانية خسائر كبيرة بفعل العقوبات الأميركية التي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة، واضطر البعض منها إلى إغلاق خطوط الإنتاج وتسريح العمال.
 
وأظهرت المقابلات التي أجرتها رويترز مع مالكي الشركات أن المئات منها علّقت الإنتاج وسرّحت الآلاف من العمال، نظرا لمناخ أعمال غير موات.
 
وكأحد الأمثلة على ذلك، أغلقت شركة تامنوش لتصنيع المشروبات الغازية، خط إنتاجها بعد 16 عاما من التشغيل.
 
وقال فرزاد رشيدي الرئيس التنفيذي للشركة “أصبح جميع العاملين لدينا وعددهم 45 دون عمل الآن. يقود الرجال سيارات أجرة، وعادت النساء لرعاية منازلهن”.
 
وهبطت العملة الإيرانية إلى مستويات قياسية، وتباطأ النشاط الاقتصادي بشدة، منذ انسحب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران وقوى عالمية في مايو.
 
وفرض ترامب عقوبات على شراء الدولارات وتجارة الذهب وصناعة السيارات في أغسطس. وتضرر قطاعا النفط والبنوك الحيويان في إيران منذ سريان الحزمة الثانية من العقوبات مطلع هذا الشهر.
 
وقال رشيدي “خسرنا نحو 5 مليارات ريال (120 ألف دولار) في الأشهر القليلة الماضية، ولذا قرر مجلس إدارة الشركة وقف جميع الأنشطة طالما استمرت التقلبات في سوق العملة. من الحماقة الاستمرار في النشاط، عندما نرى طريقا مسدودا”.
 
وعانت إيران بالفعل من اضطرابات هذا العام، في ظل اندلاع اشتباكات بين محتجين شباب، مستائين من البطالة وارتفاع الأسعار، وقوات الأمن. ويتوقع مسؤولون احتمال وقوع اضطرابات مجددا، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية بفعل العقوبات.
 
وقبل أربعة أيام من قيام البرلمان بإقصائه في أغسطس لفشله في فعل ما يكفي لحماية سوق الوظائف من العقوبات، قال وزير العمل علي ربيعي، إن البلاد “ستفقد مليون وظيفة بحلول نهاية العام، كنتيجة مباشرة للإجراءات الأميركية”.
 
ووصل معدل البطالة بالفعل إلى 12.1 بالمئة، مع عجز 3 ملايين إيراني عن إيجاد عمل. وحذّر تقرير برلماني في سبتمبر من أن ارتفاع معدل البطالة يهدّد استقرار الدولة.
 
وقال التقرير “إذا كنا نعتقد أن الوضع الاقتصادي هو المحرك الرئيسي للاحتجاجات الأخيرة، وأن معدلا للتضخم عند 10 بالمئة وللبطالة عند 12 بالمئة أطلقا الاحتجاجات”.
 
وأضاف أنه إذا ظل النمو الاقتصادي في إيران دون 5 بالمئة في السنوات المقبلة، فإن معدل البطالة ربما يصل إلى 26 بالمئة.
 
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصاد إيران 1.5 بالمئة هذا العام، و3.6 بالمئة في 2019، نظرا لتضاؤل إيرادات النفط.
 
وحذّر نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري من أن البلاد تحت طائلة العقوبات تواجه خطرين رئيسيين هما البطالة وانخفاض القدرة الشرائية.
 
لكن أصحاب شركات يقولون إنه بات من المستحيل عليهم الاستمرار في العمل نظرا للسياسات النقدية للحكومة، المتضاربة في بعض الأحيان، إضافة إلى التقلبات في سوق الصرف الأجنبي، وارتفاع أسعار المواد الخام، وصعود الفائدة على القروض من البنوك.
 
وقالت مريم، وهي مديرة علاقات عامة في شركة لاستيراد الأغذية فقدت وظيفتها الشهر الماضي، “ارتفعت الأسعار بدرجة كبيرة حتى أفقدتنا الكثير من العملاء.. في نهاية المطاف، قرر الرئيس التنفيذي تسريح العمالة، وبدأ بإدارتنا”.
 
وفي هذه الأثناء، أعلنت طهران أنها ستعيد إدخال بطاقات الوقود التي ستقيّد عمليات شراء البنزين في مسعى لمواجهة التهريب.
 
وازداد التهريب خلال الأشهر الأخيرة في وقت تراجعت فيه قيمة الريال مقابل الدولار مع إعادة فرض العقوبات الأميركية.
 
وتدعم الدولة أسعار الوقود بشكل كبير حيث يبلغ سعر اللتر نحو 0.08 دولار. وأدى انخفاض أسعار الوقود إلى زيادة الاستهلاك مع شراء السكان البالغ عددهم 80 مليونا ما معدله 90 مليون لتر يوميا.
 
ووفق وكالة “إرنا” الإيرانية الرسمية للأنباء، فقد رافق ذلك ارتفاع مستوى التهريب التي وصلت إلى 20 مليون لتر يوميا.
 
ويتم نقل معظم الوقود المهرّب إلى باكستان، حيث يباع البنزين بعشرة أضعاف والديزل بنحو 40 ضعف سعريهما في إيران.
 
وطبقت فكرة بطاقات الوقود لأول مرة في 2007 بهدف إصلاح نظام الدعم المكلف. ووضع حد أقصى عند 180 لترا يوميا للسائق العادي، إذ كان التركيز على وضع حد لعمليات التهريب واسعة النطاق.