مسؤولة فرنسية: الحوثيون جيش إرهابي متطرف ودول كبرى تدعمهم

صحيفة "ذا هيل" الأمريكية

ناتالي غوليت*

في حين اشتغل العالم بالتهديد الوجودي لداعش -وهي مجموعة إرهابية تسيطر على الأراضي الريفية في معظمها وكانت محدودة، إن وجدت، بدعم من دول أجنبية- حقق المتطرفون الحوثيون في اليمن ما كان يمكن لنظرائهم في العراق وسوريا أن يحلموا به.

مليشيا الحوثي التي هيمنت وزعزعت استقرار بلد مدمر بفعل الفقر والفساد والنزاع القبلي، سيطرت على أجزاء واسعة من البلاد، وأقامت دولة داخل دولة، واستخدمت قاعدتها في صنعاء لشن هجمات صاروخية على دول عربية سنية مثل السعودية والإمارات، كل ذلك بدعم كامل من الحرس الثوري الإيراني، الذي أعار شركاءه اليمنيين حتى شعار الثورة الإيرانية.

أصبحت الأدلة على التورط العسكري الإيراني في اليمن واضحة وجلية، ففي العام الماضي، أبرزت تقارير دولية وأمريكية براهين دامغة على أن إيران زودت المتمردين الحوثيين بصواريخ بالستية قصيرة المدى، جرى إطلاقها على مدن سعودية استهدفت مدنيين من جنسيات عدة. وحتى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، قدم لمجلس الأمن الدولي تقارير تفيد بأن إيران زودت مليشيا الحوثي بصواريخ باليستية، في تحدٍ صارخ لقرار الأمم المتحدة 2231.

ويمكن القول إن محط اهتمام الحوثيين ومموليهم الإيرانيين لا يقتصر على صنعاء أو اليمن فحسب، بل يشمل أيضاً طرق شحن النفط في البحر الأحمر، قبالة السواحل اليمنية. وربما يكون الهجوم الحوثي على ناقلات النفط السعودية في يوليو، ليس إلا تجسيداً لبعض بنود المخطط الإيراني.

إن إيران دولة ذات توجهات أيديولوجية، كل سياساتها مدفوعة بأفكار توسعية نحو الإقليم الأوسع بعيداً عن حدودها، لعبتها الحالية تنطوي على استغلال احتلال اليمن بالوكالة، بغرض السيطرة على إمدادات النفط العالمية، وإضعاف جيرانها من الدول السنية.

قد يكون هذا صادماً للكثيرين، لكن الأسوأ من ذلك هو أن العواصم الغربية لا تأخذ جماعة الحوثي على محمل الجد حتى اليوم، ولا تدرك عواقب تجاهل ممارسات المجموعة الشيعية في اليمن.

في الواقع، بعض الصحف والأوساط السياسية في العالم الغربي اتخذت نغمة إيجابية صادمة تجاه الحوثيين. فبرغم السيطرة الحوثية المدمرة على ميناء الحديدة، وما تسببه من مجاعة مميتة في صفوف المدنيين، عبّر بعض أعضاء البرلمان الفرنسي عن دعمهم للإرهابيين الحوثيين في الجمعية الوطنية.

من الواضح أن القيمة الدعائية للمشاعر المعادية للسعودية، التي أثارتها عدد من وكالات الإعلام الإقليمية والدولية، مستغلة صور الأطفال الجياع المقدمة دون أي سياق، قد سمحت لصانعي الرأي العام بتجاهل الصورة الأكبر، التي تفيد أن التحالف في اليمن يحارب الإرهاب بناءً على طلب الحكومة اليمنية وبحضور الأمم المتحدة.

لا يمكننا بعد اليوم تجاهل الصورة الأكبر، من أجل خاطر أطفال اليمن. لقد انتقدت منظمة العفو الدولية جماعة الحوثي إزاء قيامها بتجنيد أطفال بشكل منهجي للقتال في الخطوط الأمامية، كما أن "ائتلاف رصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن" قد كشف أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف بأن الحوثيين ارتكبوا مجازر وأعمالاً وحشية ضد آلاف المدنيين اليمنيين، بمن فيهم النساء والأطفال الذين وقعوا ضحايا لعمليات الإعدام والتعذيب غير القانونية.

بل إن ما يزيد صدمتنا هو أن صحيفة واشنطن بوست قد وفرت الأسبوع المنصرم فرصة لزعيم ميليشيا الحوثي "محمد علي الحوثي" للتواصل مع الجماهير الغربية وتقديم نفسه كزعيم مرموق.

هذا لا يعني عدم ضرورة السعي للسلام. ولكن من أجل جعل السلام ممكناً في اليمن، فإن الخطوة الأولى هي الاعتراف بالعدو -الحوثي- على حقيقته: وكيل إيراني خطر، يحاول الهيمنة إقليمياً، ويشكل خطراً عالمياً، يعمل كجيش إرهابي متطرف ليس أكثر.

ينبغي أن لا يكون هذا مفاجئاً، فشهية إيران لتنسيق هجمات إرهابية على الأراضي الأجنبية أمر راسخ ولا جدال فيه. وقد كشفت الخارجية أمريكية، مؤخراً، أن إيران واحدة من أكبر الدول الراعية للإرهاب، تدير شبكات تمويل، وخلايا ناشطة في جميع أنحاء العالم.

فخلال الشهر المنصرم، كشفت الحكومتان البلجيكية والفرنسية أن دبلوماسياً إيرانياً خطط لشن هجوم بالقنابل في أوروبا، هو الأحدث في سلسلة طويلة من التورط الإيراني في التخطيط لهجمات تفجيرية دولية.

بمجرد أن نعترف بحقيقة العدو الأوحد في اليمن، علينا أن ندمج استراتيجية دبلوماسية للاستفادة من وسطاء إقليميين، مثل عمان، من أجل الضغط على إيران لإيقاف وكيلها في اليمن.

وبالطبع، لن يحصل السلام طالما واصلت طهران دعمها لجرائم الحوثيين في اليمن. علينا أن نمنع دعم نموذج حزب الله في صنعاء، من خلال إغلاق خطوط التبرعات والإمدادات القادمة من طهران. إن الإخفاق في ذلك سيكون بمثابة أكبر فشل جيوسياسي - إنساني في عصرنا هذا.

* ناتالي غوليت، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، ونائبة رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع الوطني، ورئيسة مجموعه مجلس شيوخ فرنسا بدول الخليج. قادت لجنة التحقيق في شبكات الجهاديين في أوروبا وكتبت تقريراً لمنظمة حلف شمال الأطلسي حول تمويل الإرهاب