خارطة تهريب النفط الإيراني قد تكون أوسع من جميع التقديرات

تزايد الغموض بشأن مسارات الإمدادات الإيرانية مع قرب فرض العقوبات الأميركية التي تفرض قيودا عليها، ويؤكد محللون صعوبة رصد جميع الشحنات، خاصة أن الناقلات تلجأ أحيانا إلى إغلاق أنظمة التتبع للإفلات من المراقبة.
 
تشير أرقام الشحنات الإيرانية إلى أنها أصبحت تشكل لغزا، مع اقتراب تنفيذ العقوبات الأميركية على طهران الأحد المقبل.
 
وتقول مصادر في القطاع إن معرفة حجم صادرات إيران من الخام تزداد صعوبة مع قيام السفن بإغلاق أنظمة التتبع، مما يفاقم الضبابية، التي تكتنف مدى ابتعاد المشترين خوفا من العقوبات الأميركية. ومن شأن تخزين المزيد من النفط أن يجعل مسألة تحديد أرقام الصادرات أكثر صعوبة في الفترة المقبلة.
 
ووسط ضغوط من الرئيس دونالد ترامب لتهدئة أسعار النفط، فإن عدم وضوح الصورة في ما يتعلق بالصادرات يزيد صعوبة التحدي الذي تواجهه الدول الأعضاء في أوبك، وبصفة رئيسية السعودية أكبر منتج في المنظمة، لتعويض انخفاض الشحنات الإيرانية.
 
وأقر وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، خلال مقابلة مع وكالة تاس الروسية في أكتوبر الماضي، أنه لا أحد لديه فكرة عن كمية النفط التي سيكون بوسع إيران تصديرها عند بدء سريان العقوبات.
 
وامتنع مسؤول إيراني عن التصريح لوكالة رويترز حول المسألة، فيما لم ترد شركة النفط الوطنية الإيرانية ولا شركة الناقلات الوطنية الإيرانية على طلبات للتعقيب.
 
وتعتبر إيران ثالث أكبر منتج للخام في أوبك، وتتفاوت التقديرات حول صادراتها في أكتوبر الماضي بأكثر من مليون برميل يوميا، وهي كمية تكفي لتغطية احتياجات تركيا من النفط وتحريك الأسعار في السوق العالمية التي يقدر حجمها بنحو 100 مليون برميل يوميا.
 
وقبل إعلان ترامب في مايو الماضي بشأن العقوبات، تجاوزت صادرات إيران 2.5 مليون برميل يوميا.
 
وواصلت أسعار النفط موجة صعود بفعل توقعات بأن العقوبات ستختبر أوبك ومنتجين آخرين. ووصل خام القياس العالمي مزيج برنت في الثالث من أكتوبر إلى 86.74 دولار للبرميل، مسجلا أعلى مستوياته منذ 2014، إلا أنه تراجع منذ ذلك الحين إلى 77 دولارا.
 
وبينما كان الفالح يشير إلى ما سيحدث بعد تطبيق العقوبات، فإن نطاق التقديرات حول حجم ما تصدره إيران الآن يتسع بالفعل.
 
وقالت كبلر، وهي شركة لمعلومات الطاقة، “هناك أرقام عديدة تتعلق بصادرات إيران في النصف الأول من أكتوبر ظهرت في السوق في الأيام القليلة الماضية، تتراوح ما بين مليون برميل يوميا إلى 2.2 مليون برميل يوميا، وهو فارق ضخم”.
 
وأظهرت بيانات ريفينيتيف على منصة آيكون أن إيران صدرت 1.55 مليون برميل يوميا في الأسابيع الثلاثة الأولى من أكتوبر، ارتفاعا من 1.33 مليون برميل يوميا في أول أسبوعين من نفس الشهر.
 
وقدّرت كبلر صادرات إيران بنحو 1.85 مليون برميل يوميا في أول 24 يوما من أكتوبر، فيما قدر مصدر في القطاع حجم صادرات الخام في النصف الأول من أكتوبر عند 1.8 مليون برميل يوميا، بما في ذلك شحنات سفن لم تظهر في التتبع بالأقمار الصناعية.
 
وفي أي من الأوقات، فإن التعديلات في مواعيد الناقلات والاختلافات من أسبوع لآخر تساهم في تعقيد المهمة. ورغم أن المسألة أصبحت أكثر يسرا عن ذي قبل نظرا لمعلومات الأقمار الصناعية، لا يزال تتبع الناقلات أمرا معقدا.
 
وتقول مصادر إن هناك عاملا آخر ربما يجعل المسألة أكثر صعوبة. فالناقلات المحملة بالنفط الإيراني تغلق في أحيانا نظام إيه.آي.أس، وهو نظام تتبع آلي تستخدمه السفن، قبل أن تعيد تشغيله في مرحلة لاحقة من رحلتها.
 
وربما يسبّب ذلك مشكلة لخدمات تتبع السفن التي تحاول أن تحدد بدقة تاريخ، أو حتى ساعة، تحميل الناقلة بشحنتها من الخام.
 
وتعتقد مصادر في تجارة النفط والشحن البحري أن إيران كانت تخفي وجهات مبيعاتها النفطية في العام 2012 من خلال إغلاق أنظمة تتبع السفن.
 
وتصرّ إيران على أنها ستواصل تصدير النفط، وتقول إن العقوبات الأميركية ستؤدي إلى استمرار التقلبات في السوق.
 
ونقلت وكالة تسنيم للأنباء عن وزير النفط بيجن زنغنة قوله في أكتوبر “لا يمكن وقف صادرات النفط الإيرانية”.
 
وقال إسحاق جهانجيري، نائب الرئيس الإيراني الأحد الماضي، “رغم العقوبات، لن تنخفض الصادرات عن مليون برميل يوميا”.
 
ومع تناقص عدد المشترين، فمن المتوقع أن تصل كميات كبيرة من الخام الإيراني إلى ميناء داليان في شمال شرق الصين مطلع هذا الشهر.
 
وتعتزم الصين خفض مشترياتها من النفط الإيراني في نوفمبر، لكن ذلك لم يثن طهران عن التخطيط لإرسال نفطها لمشترين مثل الهند بغرض التخزين وليس الاستهلاك، مما يزيد صعوبة تحديد كميات النفط التي تصل إلى السوق.
 
وقال مصدر مطلع إيراني، مشيرا إلى الهند “سنعطيهم النفط حتى ولو للتخزين لحسابنا هناك. وسنفعل الأمر نفسه مع الصين”. وعادة لا يأخذ المحللون الذين يقدرون إمدادات النفط من المنتجين إلى السوق في الاعتبار الكمّيات التي تتّجه للتخزين.