هكذا حُرق البيت الأبيض وهرب الرئيس الأميركي من واشنطن!

في يوم 18 من شهر حزيران/يونيو سنة 1812 وبعد مضي أقل من 30 سنة على نهاية حرب الاستقلال، اتجهت إدارة الرئيس الرابع في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، جيمس ماديسون (James Madison)، نحو إعلان الحرب على البريطانيين. وخلال تلك الفترة، حاول الأميركيون استغلال فترة انشغال بريطانيا بالحروب النابليونية على الساحة الأوروبية للسيطرة على عدد من ممتلكاتها بكندا.

وأدت السياسة المعتمدة من قبل البحرية البريطانية إلى جر المنطقة نحو الحرب، حيث لم تتردد الأخيرة طيلة السنوات السابقة في خطف الشبان الأميركيين وإجبارهم على العمل لصالحها، كما تزامن ذلك مع تدهور الاقتصاد الأميركي عقب الحصار البحري الذي فرضته السفن الحربية البريطانية على عدد من أهم الموانئ الأوروبية لتشهد المبادلات التجارية الأميركية – الأوروبية تراجعاً واضحاً.

وفي يوم 24 من شهر آب/أغسطس سنة 1814، عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع أسوأ فتراتها. فأثناء معركة بلدة بلادينسبورغ (Bladensburg)، والتي كانت تبعد حوالي 13 كلم عن واشنطن، تلقى الأميركيون هزيمة قاسية حيث تمكنت قوات الأميرال البريطاني جورج كوكبرن (George Cockburn) من التغلب على الجيوش الأميركية والتي تكونت أساساً من المتطوعين.

وعلى إثر هذا النصر الحاسم، وجد البريطانيون الطريق مفتوحا لدخول العاصمة الأميركية واشنطن، والتي لم يترددوا لحظة واحدة في تخريب عدد هام من معالمها التاريخية وعلى رأسها البيت الأبيض، والذي اعتبر مقر إقامة الرئيس الأميركي، كرد على عملية تخريب الأميركيين لإحدى المدن الكندية في وقت سابق من عام 1812.

وتزامناً مع دخولهم البيت الأبيض، لم يعثر البريطانيون على أي أثر للرئيس الأميركي، جيمس ماديسون، حيث غادر الأخير رفقة زوجته وعدد من مساعديه المكان للاختباء بمكان آمن بولاية فرجينيا. وفي الأثناء، أعد الجنود البريطانيون العشاء اعتماداً على بقايا الأطعمة التي عثروا عليها بمطبخ البيت الأبيض، وجاء ذلك قبل أن يباشروا بعملية تخريب ممتلكات الرئيس وإضرام النيران بالمكان. فضلاً عن ذلك، عمد الأميرال البريطاني كوكبرن إلى الاستيلاء على إحدى قبعات زوجة الرئيس الأميركي.

وعلى حسب تقارير البيت الأبيض ورسائل دوللي ماديسون زوجة الرئيس الأميركي، غادر جيمس ماديسون البيت الأبيض يوم 22 من شهر آب/أغسطس سنة 1814، أي قبل يومين من وصول القوات البريطانية، للقاء عدد من جنرالته. وقبل رحيله، طلب الرئيس الأميركي من زوجته اللحاق به ونقل جميع الوثائق الهامة معها في حال إقتراب البريطانيين من المكان.

وخلال اليوم التالي وتزامناً مع سماعها لخبر وصول القوات البريطانية، اتجهت دوللي ماديسون إلى ترك البيت الأبيض. وأثناء خروجها، عمدت زوجة الرئيس الأميركي للتخلي عن جميع ممتلكاتها الخاصة مفضلة نقل إحدى اللوحات الزيتية القيمة للرئيس الأميركي الأول وبطل حرب الإستقلال جورج واشنطن (George Washington)، حيث أكدت دوللي حينها أن وقوع تلك اللوحة بيد البريطانيين إهانة لكامل الشعب الأميركي.

مكثت القوات البريطانية حوالي 26 ساعة بمدينة واشنطن وخلالها لم يتردد البريطانيون في تخريب العديد من المعالم، ولعل أبرزها البيت الأبيض ومبنى الكابيتول، والذي كان قيد الإنشاء، حيث عمد الجنود البريطانيون إلى إضرام النيران بهذا المبنى لتضيع على إثر ذلك سنوات من العمل عليه ولتخريب العديد من اللوحات الفنية التي رسمت من قبل فنانين أوروبيين.

وبعد مضي 3 أيام على رحيل القوات البريطانية، عاد الرئيس الأميركي جيمس ماديسون وزوجته دوللي إلى العاصمة واشنطن.

ولم يتمكن الزوجان من العيش مجدداً بالبيت الأبيض والذي عانى من خراب واسع. وبدلاً من ذلك، استقر الرئيس الأميركي ببيت أوكتاغون (Octagon House). وفي مقابل ذلك، انتظرت الولايات المتحدة الأميركية حلول سنة 1817، حتى يتمكن الرئيس الأميركي الجديد جيمس مونرو (James Monroe)، والذي خلف جيمس ماديسون، من العودة مرة ثانية للبيت الأبيض والذي أعيد إصلاحه عقب حادثة إحراقه من قبل البريطانيين.