انتزاع الحديدة من مليشيا الحوثي يقود إلى السلام في اليمن (ترجمة)

* جولي لينارز، المديرة التنفيذية لمركز ابحاث الأمن الإنساني (لندن)

حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الثلاثاء، من أن إيران تنشر "الفوضى والموت والدمار" في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وأحد تلك الأماكن هي اليمن، حيث تستخدم إيران المتمردين الحوثيين الشيعة كوسيلة لطموحاتها الإقليمية.

استؤنف الهجوم على الحديدة بشكل جدي بعد توقف في القتال وإعطاء وقت بهدف السماح للمبعوث الأممي مارتن غريفيث، لإيجاد حل سياسي. لكن ذلك الوقت انتهى بعد أن رفضت قيادة الحوثيين الحضور إلى جنيف لإجراء محادثات سلام طال انتظارها.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يعطل فيها الحوثيون جهود السلام. ولذا، أصبح من الواضح الآن أنه لا يمكن إيجاد حل سلمي للنزاع إلا من خلال انتزاع السيطرة على الحديدة من قبل القوات اليمنية والتحالف، كما هو مقرر بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 2216.

وينص قرار الأمم المتحدة رقم 2216 على تكليف وتفويض الحكومة اليمنية والتحالف بضمان إعادة جميع الأراضي التي استولى عليها الحوثيون، بما في ذلك الحديدة، إلى الحكومة المعترف بها دوليًا.

وبما أن الدبلوماسية فشلت، فإن انتزاع الحديدة ومينائها هو السبيل الوحيد لتحريك العملية السياسية.

ويعتبر ميناء الحديدة أثمن ما تملكه مليشيا الحوثي، إذ يمثل 70٪ على الأقل من مساعدات اليمن والتدفق غير الشرعي للأسلحة الإيرانية إلى المقاتلين الحوثيين. وطوال فترة احتلال الميناء، أساءت مليشيا الحوثي بشكل روتيني إدارة شحنات المساعدات الإنسانية إلى الميناء، مع تطبيق ضرائب ابتزازية. كما قامت المليشيا بنهب الموارد الإنسانية والإغاثية المخصصة للمدنيين في جميع أنحاء اليمن.

ومن هنا، يجب أن يكون انتزاع السيطرة على الحديدة من قبضة المتمردين أولوية قصوى للتخفيف من معاناة الشعب اليمني وتوفير زخم جديد لإيجاد حل طويل الأمد للصراع.

ومع فشل محادثات السلام، لم يقترح منتقدو الهجوم على المدينة بعد حلا بديلا مستداما.

وعلى الرغم من رفض الحوثيين الحضور في محادثات سلام طال انتظارها في جنيف، فقد وصلت الحكومة اليمنية وحلفاؤها إلى سويسرا في الموعد المحدد، بعد أن توقفت عن القتال حول الحديدة لما يقرب من ثلاثة أشهر، على الرغم من المخاوف من أن يستخدم الحوثيون ذلك الوقت لتعزيز وتوطيد المزيد من قواتهم في وحول الميناء الاستراتيجي.

واستخدم المتمردون فترة الهدوء في القتال لتعزيز مواقعهم، بما في ذلك زرع الألغام الأرضية في جميع أنحاء المدينة. في وقت سابق من هذا العام، نشرت هيومن رايتس ووتش تقريراً يقول إنه منذ بدء النزاع، كانت الألغام الأرضية مسؤولة عن قتل أو تشويه "مئات المدنيين"، ووضعت اللوم بشكل ثابت على الحوثيين.

كما أفادت هيومان رايتس ووتش بأن حوالي 70٪ من الجنود الأطفال في ساحة المعركة اليمنية يجندهم المتمردون الحوثيون، وبعضهم أصغر من 15 سنة، وهي جريمة حرب بموجب القانون الدولي.

وكان استخدام إيران لليمن كبوابة جنوبية لمهاجمة دول الخليج عبر هجمات الصواريخ الحوثية، التي تستهدف بالدرجة الأولى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، واحدة من أكثر التطورات المتعلقة بالنزاع أهمية.

وقد يتم الحد من قدرتها على شن حرب بالوكالة على المنطقة، من خلال السيطرة على الحديدة.

إن تبديد قدرة الحوثيين على استيراد الأسلحة الثقيلة والصواريخ غير الشرعية من إيران عبر الميناء سيضيف حافزاً إضافياً للحوثيين في نهاية الأمر ليأخذوا محادثات السلام على محمل الجد، وبالتالي، استئصال شريان الحياة العسكري الذي مكنهم من إطالة أمد القتال.

وكما هو الحال قبل عامين، أظهر الحوثيون عدم اهتمام كامل في تحقيق السلام ولذا لن تقنعهم أي شروط بتسليم هذه المدينة ومينائها. بيد أن انتزاع المواقع الاستراتيجية في الحديدة وحواليها من قبل القوات اليمنية والتحالف يمكن أن يجبروا المتمردين إلى طاولة المفاوضات وإنهاء هذا الصراع المدمر.

* جولي لينارز، المديرة التنفيذية لمركز ابحاث الأمن الإنساني (لندن)

-المصدر: موقع (The Reaction) البريطاني