ربع قرن على اتفاق أوسلوـ حلم سلام وُئد في المهد

من الصدف أن تتزامن الذكرى الـ 25 لمعاهدة أوسلو مع قرار واشنطن إغلاق البعثة الفلسطينية لديها، ما يوحي بدفن نهائي لعملية السلام، في ظل تراجع الأدوار التقليدية للمعاقل الأوروبية والعربية التي تدعم القضية الفلسطينية.
 
يبدو أن آمال إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين تعيش أحلك فتراتها، ففي وقت تحل فيه ذكرى معاهدة أوسلو، يعيش الفلسطينيون انتكاسات غير مسبوقة أبرز مظاهرها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وإقفال مكتب بعثتهم الدبلوماسية في واشنطن، إضافة إلى انهيار معاقل الدعم الأساسية للقضية الفلسطينية إقليميا وعربيا. لقد انفجر الغضب الفلسطيني حينما نقل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سفارة بلاده إلى القدس في ديسمبر/ كانون الأول من العام الجاري، في استباق واضح لنتائج المفاوضات التي من المفترض أن تفضي إليها عملية السلام. وكانت تلك الخطوة القطرة التي أفاضت الكأس ودفعت بالقيادة الفلسطينية لمقاطعة مبادرة واشنطن بقيادة غاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاريه.
 
ورغم ذلك، فإن هناك بعض الأصوات الفلسطينية والإسرائيلية التي ما تزال تؤمن ببصيص الأمل على غرار الكاتب والمحلل الإسرائيلي تسفي باريل، صاحب عمود في صحيفة هآرتس الذي أوضح في حوار مع DW بأن الأمل ما يزال موجودا ويقول: "كمتفائل، لا أؤمن بشيء أسمه (أمر) نهائي، فعملية السلام تتوقف على (طبيعة) الحكومات، وقد تأتي حكومة إسرائيلية أخرى وتطور عملية(سلام) جديدة". وتابع " كما أن الرئيس الأمريكي قد يتغير.. وبالتالي لا يمكن اعتبار عملية السلام منتهية". أما الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري فيرى أن "القضية الفلسطينية رغم كل الأخطار التي تواجهها ما تزال حية، لأنها قضية عادلة ومتفوقة أخلاقيا. وهناك شعب فلسطيني مصمم على الدفاع عنها(..) لكن المخاطر تتزايد، خاصة في ظل سياسة ترامب وقانون القومية".
 
أوسلو..ذكرى للنسيان؟
 
هناك من يعتقد أن معاهدة أوسلو قوت شوكة المتطرفين من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، اللذين فازت أفكارهما في نهاية لمطاف. وبهذا الصدد أوضح باريل أن "الإسرائيليين منقسمين إلى قسمين لا ثالث لهما. من جهة هناك اليمين واليمين المتطرف اللذان يعتبران اتفاقية أوسلو أكبر كارثة في تاريخ إسرائيل، وهؤلاء يؤيدون سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية من حيث كسر وهدم كل ما تبقى من هذه الاتفاقية. من جهة ثانية هناك معسكر اليسار الذي يعتبر أسولو شيئا ايجابيا، ولكن في القوت ذاته مجرد حدث تاريخي عابر دون تأثير يذكر".
 
مشكلة معاهدة أوسلو، هو أنها أجلت الحسم في كل القضايا الخلافية كوضع القدس واللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي المحتلة التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها إضافة إلى قضية الحدود النهائية. ولم تعد المصافحة التاريخية بين إسحاق رابين وياسر عرفات إلا صورة تذكارية لحلم لم يتحقق، بعد تبدد الآمال في إحلال السلام سريعا وتحولت أوسلو إلى ذكرى لشيء لم يقع.
 
استسلام الفاعلين الدوليين!
 
بعد وصول العلاقات الأمريكية الفلسطينية إلى نقطة الصفر، تبدو معاهدة أوسلو كسراب من عهد مضى ولن يعود. وبهذا الصدد، يعتبر هاني المصري في حواره معDW أن "الإدارة الأمريكية انتقلت من الانحياز لإسرائيل إلى الشراكة مع اليمين الإسرائيلي". واعتبر أن هذا الأمر ترك فراغا "يتعين على أوروبا ملئه، كما الصين وروسيا وبلدان أخرى (..) وإن لم يحدث ذلك فإن اليد العليا ستكون للقوى والأفكار المتطرفة". أما باريل فيعتبر أن "الاتحاد الأوروبي يملك نظريا القوة للضغط على الإسرائيليين والفلسطينيين بشكل مستقل عن السياسة الأمريكية"، إلا أنه يستغرب من كون أعضاء الاتحاد لم يظهروا حتى الآن أي نية للتدخل في القضية..حتى "في القضايا الجزئية مثل هدم البيوت أو دعم قطاع غزة بالمساعدات".