شكوك ومخاوف بعد توقيع اتفاق للسلام في جنوب السودان

جوبا (أ ف ب) - يواجه اتفاق السلام الاخير الذي وقعه رئيس جنوب السودان سلفا كير وزعيم المتمردين رياك مشار الشكوك والمخاوف بسبب انهيار العديد من الاتفاقات لانهاء اعمال العنف التي أدت الى مقتل عشرات الالاف وتشريد الملايين وتسببت في أزمة لاجئين في المنطقة.

ويختم التوقيع على الاتفاق بوساطة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا (إيغاد) من قبل كير ومشار في وقت متأخر الاربعاء في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا، أشهرا من المفاوضات.

وفي مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان التي شهدت اشرس المعارك في الحرب التي بدأت اواخر 2013 ومرة اخرى عند انهيار اخر اتفاق سلام في تموز/يوليو 2016، لم تكن هناك اي احتفالات بالاتفاق الجديد.

ولخصت سوزي وليام، المديرة التنفيذية للتحالف الوطني للمحاميات في جنوب السودان، خيبة امل العديد ممن احتفلوا بانفصال جنوب السودان عن السودان في 2011 ولكنهم شاهدوا البلاد تدخل حربا جديدة بين بطلين من ابطال الاستقلال بعد عامين من الحصول عليه.

وقالت "لم يتوقع الناس أن هذين القائدين (كير ومشار) سيأخذان البلاد الى الحرب لأنهما كانا قائدين حاربا من أجلها، وهما اللذان قادانا إلى الاستقلال".

واضافت "لكن ما حدث هو العكس: لقد خاضا حربا. ولم يتحملا مسؤولياتهما".

وتابعت "انهما لا يهتمان بنا كمواطنين، ولكن بمناصبهما".

وفي ظل الحكومة الجديدة يبقى كير رئيسا بينما يعود مشار الى منصبه نائبا للرئيس.

- "لا أمل" -

بدأت حرب جنوب السودان الأخيرة في كانون الأول/ديسمبر 2013 عندما اتهم كير مشار بالتامر للانقلاب عليه.

ومذاك، فشلت العديد من جهود السلام واتفاقات وقف اطلاق النار التي جرت بوساطة ايغاد، وانهار اخر اتفاق في تموز/يوليو 2016 بعد أيام من المعارك في جوبا ما أرغم مشار على الفرار خوفا على حياته.

وخاب أمل مراقبون خارجيون بسبب العودة الى الوضع الذي كان سائدا قبل الحرب حيث عاد الاشخاص ذاتهم إلى نفس المناصب.

وقال جون برينديرغاست المتابع لشؤون جنوب السودان في مجموعة "ايناف بروجيكت" أن الاتفاق "يتضمن عيوبا كبيرة".

وأوضح أن الاتفاق "يفتقر إلى الضوابط والتوازنات المهمة في رئاسة تمتلك سلطات هائلة تستخدم بشكل أساسي لنهب موارد البلد وممارسة اقصى درجات العنف ضد المعارضين".

واضاف أن "اتفاق السلام الجديد هذا لا يحمي عائدات الحكومة من السرقة لأنه يجعل نفس السياسيين الفاسدين قائمين عليها دون ضوابط أو توازنات ذات معنى".

ورحب دبلوماسيون في اديس ابابا بالاتفاق بحذر واكتفوا بالقول أنه خطوة على الطريق الصحيح.

وقال أحدهم "الشكوك هي السائدة" بينما قال آخر ان "الاتفاق بالتأكيد ليس مثاليا".

ولكن بالنسبة لمجموعة الدبلوماسيين والقادة الذين يسعون من أجل السلام منذ نحو خمسة أعوام فإن التوصل إلى اتفاق غير مثالي أفضل من عدم التوصل إلى أي اتفاق.

كما قالت مجموعة من السفراء من بريطانيا والنروج والولايات المتحدة تعرف معا باسم "الترويكا" "لا نزال قلقين بشأن مدى التزام الاطراف بهذا الاتفاق".

ورغم ترحيبها بالاتفاق إلا أن الترويكا اكدت "لا نزال قلقين بأن لا يحقق الاتفاق السلام الذي يستحقه سكان جنوب السودان".

الا ان كبير الدبلوماسيين الصينيين لشؤون افريقيا شو جينغهو كان اكثر تفاؤلا ووصف خطة السلام بأنها "ممارسة تحتذى للحلول الافريقية التي يتوصل اليها اشخاص افارقة بخصوص قضايا افريقية".

لكن ماري نيوكا المدرسة في جوبا والتي تعلمت الحذر من الحرب ومن قادة البلاد تقول "اتفاق السلام تم توقيعه وهو أفضل من عدم التوصل الى اتفاق، ولكنني لن أشيد بالأطراف إلا إذا طبقت الاتفاق".

وكان وليام أكثر تشاؤما حين قال "لا أعتقد بوجود اي أمل".