مومياء مصرية محفوظة بإيطاليا تعيد النظر في تاريخ التحنيط

عثر باحثون في متحف تورينو (شمال غرب إيطاليا) على مومياء مصرية تُظهر أن التحنيط أقدم بكثير مما كان يُعتقد.

وبموجب هذا الاكتشاف، ووفقا لدراسة منشورة في مجلة “أكيولوجيكال ساينس”، يبدو أن وضع كمية من الزيت النباتي أو الدهن الحيواني مع زيت الصنوبر الساخن وبعض النبات العطريّ والسكر النباتي للحفاظ على جثث الموتى، فنّ يعود إلى 3500 عام قبل الميلاد.

وكان المصريون القدامى يؤمنون بالبعث والحياة الأبدية، ولذا كانوا يحنّطون أجساد موتاهم قبل وضعها في القبور، مع ما يلزم الميت من أدوات تفيده في العالم الآخر وفق اعتقادهم.

وكانت أجساد الموتى تجفّف أولا في الرمل الساخن والجاف في الصحراء لتحنيطها.

وبعد ذلك ابتكر المصريون فنّ التحنيط بالزيت والنبات العطري والدهون. وكان الاعتقاد السائد بين العلماء أن هذا الفنّ يعود إلى القرن الخامس والعشرين قبل الميلاد.

لكن مومياء مصرية محفوظة في متحف تورينو تعود إلى القرن السادس والثلاثين أو الثامن والثلاثين قبل الميلاد أطاحت بهذا الاعتقاد، وأظهرت أن هذا الفنّ أقدم مما كان يُعتقد.

وتعرض هذه المومياء لزوار المتحف موضوعة على التراب بوضعية الجنين، وهي محاطة بأدوات وقطع قماش في سلّة وحذاء من الألياف النباتية في حقيبة من جلد النعام وبعض السهام.

ويقول الباحثون إن نحو عشرين مومياء مصرية تتوزّع في متاحف العالم، لكن معظمها خضعت لتقنيات حفظ أجراها عليها البائعون أو المتاحف نفسها.

أما مومياء تورينو، التي أطلق عليها اسم “تورينو أس 293” فهي استثناء عن غيرها، ولذا فهي تشكّل بحسب الباحثين مادّة فريدة للدراسة.

وتمكّن الخبراء الباحثون في جامعات بريطانية وإيطالية وأسترالية باستخدام الوسائل الكيميائية والتأريخ بواسطة الكربون، من التثبّت من وجود مواد تحنيط استخدمت قديما جدا لهذه المومياء.

وتبيّن أن المواد المستخدمة مشابهة لتلك المستخدمة في مومياوات ما قبل التاريخ، ما يدلّ على أن فنّ التحنيط باستخدام مواد خاصّة أقدم بألف سنة مما كان يعتقد سابقا.

وتحدّثت الدراسة أيضا عن وجود “مواد مضادّة للبكتيريا في المومياء استُخدمت هي نفسها بنسب مشابهة في تحنيط الفراعنة بعد ذلك بألفين و500 عام”، منها راتنج الصنوبر الذي يتمتّع بخاصيّات مضادّة للبكتيريا ومساعدة في حفظ الأجساد المحنّطة.

ولا يعرف القيّمون على المتحف الشيء الكثير عن ظروف العثور على هذه المومياء العجيبة، سوى ما يقوله إرنستو سكياباريللي أحد المسؤولين فيه، إن عالم آثار إيطاليا شغوفا بالتاريخ المصري اشتراها من بائع مجهول مطلع القرن الماضي.

ووفقا لهذه الرواية، كانت المومياء مدفونة في قنا أو الأقصر (عاصمة مصر في العصر الفرعوني) قبل أن تكتشف وتباع للعالم الإيطالي. ويعزّز هذا الاكتشاف ما جاء في دراسة نشرت في العام 2014 وتحدّثت عن العثور على مواد دهنية وراتنج وزيوت على أقمشة تبيّن أنها تعود إلى ما بين العامين 4500 و3500 قبل الميلاد.