دونالد ترامب..عزلة سياسية و"حرب كلامية" ضد الجميع

يبدو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معزولا أكثر فأكثر بعد تخلي محاميه السابق مايكل كوهن عنه وتعاونه مع فريق المحققين الفيدراليين. 
 
عزلة الرئيس ترامب تتجلى في الملاحقة القضائية للمقربين منه، ومن ضمنهم بول مانافورت مدير حملته الانتخابية السابق وانتقادات حادة توجهها إليه الصحافة الأمريكية. لكن ترامب لجأ لسلاحه المفضل فشن "حربا كلامية" ضد أعدائه السياسيين ووسائل الإعلام، ليدافع عن منصبه بدعوى المصلحة العامة و"عافية" الاقتصاد الأمريكي.
 
اعتبر الرئيس الأمريكي أن الحفاظ على نشاط الأسواق المالية في الولايات المتحدة رهين ببقائه في السلطة. وصرح خلال لقاء تلفزيوني مع قناة "فوكس نيوز" التلفزيونية الخميس "أقول لكم إنه في حال تم عزلي، أعتقد أن الأسواق ستنهار. أعتقد أن الجميع سيصبحون فقراء جدا".
 
تصريحات يراهن من خلالها الرئيس على صرف الانتباه عن المتاعب السياسية المترتبة عن التحقيق حول تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016 وتورط مقربين منه في قضايا فساد.
 
وإن كان الرئيس يلعب ورقة تعافي الاقتصاد ومؤشرات البورصة المستقرة منذ أكثر من سنة، فإن التحقيقات القضائية تزيد من تضييق الخناق عليه. ويبدو وحيدا أكثر على الرغم من أن القانون يكفل له عدم الملاحقة القانونية ما دام "سيد البيت الأبيض".
 
ترامب لم يجب عن سؤال قناة "فوكس نيوز" الموالية لسياسته، حول المتاعب القانونية التي قد تترتب عن إقرار محاميه الخاص السابق مايكل كوهن بأنه دفع المال لنجمتي أفلام إباحية كانتا على علاقة جنسية بموكله مقابل صمتهما. وحصلت الممثلتان مقابل صمتهما على مبلغي 130 و150 ألف دولار، "بطلب من المرشح ترامب" بحسب المحامي الذي يزعم أن المرشح للرئاسة حينها كان يخشى من انتشار معلومات قد "تسيء إلى حملته".
 
لكن ترامب أصر في المقابلة التي بثت الخميس على الحديث عن الوظائف التي استطاع الاقتصاد الأمريكي توفيرها منذ وصوله إلى السلطة، وتفادي هذه التصريحات المزعجة. وهاجم مجددا منافسته في انتخابات الرئاسة هيلاري كلنتون قائلا إنها لو فازت بانتخابات 2016 "لكان الأمريكيون في حال أسوأ".
 
وراح الرئيس ترامب يمدح نفسه قائلا "لا أعرف كيف يمكن عزل شخص قام بعمل رائع"، عند عودة وسائل الإعلام للحديث عن إمكانية عزله.
 
لكن الاقتصاد لا يصلح ما أفسدته السياسة.
 
فضيحة تلو الأخرى
 
منذ أيام انطلق الرئيس الأمريكي في حملة غير معهودة على صفحته عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، ناشرا التغريدة تلو الأخرى للهجوم على رفاق دربه السابقين، وبخاصة مايكل كوهن، أو دعم من كانوا لا يزالون يدينون له بالولاء من قبيل رئيس حملته السابق بول مانافورت، والتشكيك في نوايا فريق التحقيق في قضية التدخل الروسي التي ذهب إلى حد وصفها بأنها "مكارثية". وذلك في إشارة إلى تحقيقات ومحاكمات ظالمة تعرض لها أشخاص اشتبه في انتمائهم إلى الشيوعية في الخمسينيات من القرن الماضي.
 
وزاد ترامب من حدة انتقاداته للصحافة واصفا إياها بـ"عدوة الشعب".
 
ورغم أن الرئيس الأمريكي نفى أكثر من مرة علمه بموضوع المبالغ المالية التي دفعها كوهن للمرأتين اللتين كانتا على علاقة جنسية به، فقد عاد في الأيام الأخيرة عن تصريحاته، قائلا "إنه علم بها لاحقا" وإن المبالغ دُفعت من ماله الشخصي.
 
وأصبح الطلاق رسميا بين ترامب والمحامي السابق الذي وافق على التعاون مع المحققين الفيدراليين في عدة قضايا والاعتراف بثماني تهم ضمنها "التهرب الضريبي والاحتيال المصرفي وخرق قانون تمويل الانتخابات".
 
ترامب هاجم هذا الأخير ساخرا منه عبر تويتر وكتب : "إن كنتم تبحثون عن محام جيد فأنصحكم بشدة بعدم طلب خدمات مايكل كوهن!". لكنه عبر بالمقابل عن "اعتزازه بمدير حملته السابق بول مانافورت ودعمه له، على الرغم من المشاكل القضائية التي يواجهها هذا الأخير.
 
ووصف ترامب مانافورت الذي قد يواجه عقوبة تصل إلى أربعة وعشرين عاما سجنا بالرجل "الشجاع" الذي رفض خيانته و"فبركة قصص" لدى لجنة التحقيق لينفذ بجلده. ويتهم مانافورت، بثماني تهم هو الآخر، من ضمنها "التهرب الضريبي والاحتيال المصرفي وعدم التصريح بممتلكات في مصارف أجنبية". ولمح ترامب بأنه يمكن أن يعفو عن رئيس حملته السابق البالغ من العمر 69 عاما.
 
أزمة سياسية
 
ويبقى الرئيس محميا من الملاحقات القضائية إلا إذا تم عزله. فالاجتهادات القضائية لعام 1973 و2000 في قضايا سابقة أكدت قاعدة مفادها أنه بموجب الدستور لا يحق أن يسجن رئيس الولايات المتحدة لأن هذا سيمنعه من ممارسة مهامه.
 
لكن بالمقابل، تبدو محاولات ترامب لتلميع صفحته والتشكيك في عمل فريق المحقق الخاص روبرت مولر محدودة.
 
ومزاعم الرئيس بتعرضه لما أسماه "مطاردة ساحرات" منذ وصوله إلى الرئاسة تفقد من جدواها أمام الاتهامات الأخيرة التي وجهها إليه كوهن.
 
وتزيد مشاكل ترامب الذي يفقد جزءا كبيرا من هامش المبادرة، خصوصا وأن الولايات المتحدة على أبواب انتخابات منتصف الولاية التي تقام في الخريف المقبل.
 
ويراهن الديموقراطيون في هذه الانتخابات على استرجاع مقاعد في مجلس النواب الأمريكي، ويتنافسون خلالها على منصب حاكم في عدة ولايات.
 
لكن هذه الانتخابات التي أعلن الرئيس السابق باراك أوباما بخصوصها دعمه للعديد من المرشحين الديمقراطيين، لن تؤدي إلا إلى هزيمة "جزئية" في حال فوز الديمقراطيين. فالحزب الجمهوري يسيطر على مجلس الشيوخ، وهو ما يعني أنه سيكون من شبه المستحيل عزل ترامب.