الفايننشال تايمز: الغطرسة الأمريكية البريطانية السعودية في اليمن

*افتتاحية صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية:

أسفرت المجاعة عن مقتل ما لا يقل عن 105 ملايين شخص منذ عام 1870، وفقاً لأبحاث أجرتها مؤسسة السلام العالمية، وكانت أغلبية الضحايا جراء قرارات سياسية وحروب وليس الجفاف. ولكن بحلول مطلع الألفية تضاءلت الكوارث التي هي من صنع الإنسان، وأضحت المجاعة شيئاً من الماضي، تبعاً للكاتب الأكاديمي البريطاني ألكس دي وول.

هذا العام شهد تقدماً كبيراً في مجال استخدام التجويع كسلاح من أسلحة الحروب إن كان في نيجيريا أو في جنوب السودان أو في الصومال أو في اليمن. لكن الوضع في اليمن يعتبر الأكثر كارثية، فقد دخل الصراع هناك في دائرة من الجحيم بعد أن قررت السعودية شن عملية لهزيمة الحوثيين وحلفائهم في مارس آذار 2015 حيث دمرت خلالها الرافعات في ميناء الحديدة والطرقات والجسور والأسواق والمدارس والمنازل والمستشفيات والبنية التحتية في البلاد.

وبضغط وإصرار الرياض وبدعم من بريطانيا والولايات المتحدة، فرض مجلس الأمن الدولي حصارا على اليمن.

والغرض من هذا الحصار كان منع وصول الأسلحة إلى الحوثيين وليس الغذاء من الناحية النظرية، إلا أنه من الناحية العملية فإن الغذاء كان يصل لأفواه الجوعى ببطء شديد، وهذا قبل أن تقرر السعودية منع المساعدات الإنسانية رداً على إطلاق صاروخ على الرياض في وقت سابق من الشهر الجاري.

إن عواقب هذا الحصار مرعبة، وتقول الأمم المتحدة إن ثلثي سكان اليمن البالغ عددهم 28 مليون نسمة يواجهون نقصاً في الغذاء والمياه النظيفة، مضيفة أن 7 ملايين شخص على حافة المجاعة، ووباء الكوليرا منتشر على نحو كبير في البلاد.
وقد أدت الحرب في اليمن إلى مقتل أكثر من 10 آلاف شخص، إلا أن المجاعة في البلاد ستكون القاتل الأكبر.

وقال مارك لوكوك، منسق الشئون الإنسانية في الأمم المتحدة هذا الشهر، إن استمرار إغلاق المنافذ أمام شحنات المساعدات سيهدد بـ"أكبر مجاعة شهدها العالم منذ عقود مع الملايين من الضحايا". ويبدو أن الحصار الذي رفعته المملكة العربية السعودية جزئيا في عطلة نهاية الأسبوع هو جريمة حرب. ويجب على حلفاء الرياض الحذر من التواطؤ.

وقبل أن يضطر إلى الاستقالة الشهر الماضي بسبب مزاعم التحرش الجنسي، طلب السير مايكل فالون، وزير الدفاع البريطاني، من النواب لوقف الانتقادات ضد السعودية بشأن الحرب على اليمن ومبيعات الأسلحة. ورغم أن السيد فالون قد رحل، لكن من المؤسف أن موقفه يعكس موقف الحكومة التي أيدت ودعمت الرياض في حربها على اليمن. كما أن صمت واشنطن على المأساة التي تتكشف في اليمن أمر مخجل.

كان من المفترض أن يكون التدخل في اليمن علامة على حزم السعودية، وبدلا من ذلك، أثبتت القوات السعودية أنها غير فعالة بقدر ما هي وحشية.

في حال لم يحدث تغيير في قلب الرياض، فإن اليمنيين سيجوعون على نطاق واسع في القرن الواحد والعشرين، وفي هذه الظروف ستكون بريطانيا والولايات المتحدة مشتركتين في جرائم ارتكبت باسم الغطرسة السعودية.