اغتيال الصحفية المسؤولة عن كشف "وثائق بنما" ومالطا تستعين بـ"إف بي آي"

قتلت دافني كاروانا غاليزيا، الصحفية المالطية التي قادت تحقيق الفساد الضخم المعروف إعلاميا باسم "وثائق بنما"، الإثنين، في انفجار سيارة قرب منزلها في مالطا.

 

وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن غاليزيا وهي عضو الاتحاد الدولى للصحفيين الاستقصائيين، قتلت عندما دُمرت سيارتها وهي من طراز (بيجو 108) بواسطة عبوة ناسفة قوية فجرت السيارة وتناثر حطامها في الحقل المجاور للطريق.

 

وبينت الصحيفة أن غاليزيا كانت مدونة تجذب قراء يزيد عددهم على إجمالي توزيع الصحف الورقية لمالطا بأكملها، كما وصفتها مجلة بوليتيكو الأمريكية بأنها "ويكليكيس قائمة بذاتها".

 

وذكرت الصحيفة أن آخر استقصاء لغاليزيا، كان عبارة عن تحقيق أشار بأصابع الاتهام إلى رئيس وزراء مالطا جوزيف موسكات واثنين من أقرب المساعدين له، حيث كشفت الصحفية أن شركات بالخارج على علاقة بالرجال الثلاثة يقومون ببيع جوازات سفر مالطية، كما يتلقون دفعات مالية من حكومة أذربيجان.

 

وأضافت الصحيفة أنه لا يوجد مجموعة أو شخص أعلن مسؤوليته عن الهجوم بعد.

 

وأعلنت حكومة مالطا أنها سوف تطلب مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "إف بي آي" لكشف غموض حادث اغتيال دافني كروانا غاليتزيا، الصحفية والمدونة المالطية المعروفة بحملتها ضد الفساد في البلاد.

 

وأدان ماثيو كروانا غاليتزيا ابن الصحفية، حكومة بلاده واصفاً إياها بـ "دولة المافيا" وقال "اغتيلت أمي لأنها كانت تقف إلى جانب سيادة القانون في مواجهة أولئك الساعين لانتهاكه".

 

وذكرت وسائل إعلام محلية أن أحد أبنائها سمع صوت الانفجار فهرع إلى الخارج.

 

وقالت الصحف إن الانفجار أدى إلى تناثر بقايا السيارة التي كانت تقودها عبر الطريق وفي حقل مجاور.

 

وفي منشور مطول على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، اتهم ماثيو الشرطة المالطية بالعجز ووصف الحكومة المالطية بأنها "فوق القانون".

 

وقال ماثيو منتقداً الصورة التي تعكسها مالطا للعالم كدولة غربية ليبرالية "نعم، نحن هنا في دولة المافيا حيث يمكنك الآن تغيير جنسك على بطاقة الهوية الخاصة بك (شكرا لله على ذلك!) ولكنك قد تُفجّر إلى أشلاء لمجرد محاولتك ممارسة أبسط أشكال الحرية".

 

يعمل ماثيو كصحفي ومطور معلوماتي في الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين. وقد قال في منشوره على فيسبوك الذي نشره بعد ساعات قليلة من محاولته انقاذ والدته من السيارة المحترقة، إنه لن ينسى أبداً "الركض حول السيارة التي كانت أشبه بالجحيم، في محاولة لمعرفة طريقة لفتح الباب".

 

وأضاف "لم تكن هذه جريمة قتل عادية، ولم تكن مأساوية. دهس حافلة لشخص حدث مأساوي، لكن عندما يكون هناك دماء ونيران تحيط بك من كل جانب، فتلك حرب".

 

من جانبها، دعت رئيسة مالطا ماري لويز كوليرو بريكا إلى الهدوء، وقالت: "في هذه الأوقات، عندما تروع البلاد بحادث وحشي كهذا، أدعو الجميع الى حساب كلماتهم وعدم إصدار أحكام، وإظهار التضامن".

الشرطة في موقع الحادث بالقرب من منزل الصحفية الشهيرة Reuters
الشرطة في موقع الحادث بالقرب من منزل الصحفية الشهيرة Reuters

ونقلت الصحيفة عن تقارير للإعلام المحلي أن غاليزيا تقدمت للشرطة المحلية بتقرير منذ 15 يومًا تقول فيه إنها تتلقى تهديدات بالقتل.

ونشرت غاليزيا آخر تدوينة لها، مساء أمس الإثنين، قبل نحو نصف ساعة من تلقي الشرطة بلاغا بالانفجار.

 

من جهته قال رئيس وزراء مالطا: "إن ما حدث اليوم غير مقبول على مختلف المستويات، إنه يوم أسود لديمقراطيتنا ولحرية التعبير، لن أشعر بالارتياح حتى يتم تحقيق العدالة".

 

وكان آخر ما كتبته "غاليزيا" على مدونتها، قبل 30 دقيقة من مقتلها: "هناك أوغاد في كل مكان تنظر إليه الآن.. لقد أصبح الوضع مؤسفاً".

 

وهاجمت غاليزيا خلال التدوينة قادة المعارضة، وَوصفت الوضعَ السياسي الحالي في بلدها بأنه يائس.

 

واشتركت الكثير من الصحف ومؤسسات الإعلام العالمية في تحليل وثائق بنما خلال الفترة الماضية، يصل عددها إلى 107 مؤسسات، في 78 دولة، بما في ذلك الجارديان وهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، وصحيفة زود دويتشه تسايتونج الألمانية التي حصلت على كل السجلات المسربة من مصدر مجهول.

 

وكشفت تسريبات بنما عن الكثير من فضائح الفساد المالي؛ حيث لجأ المتورطون في هذه الفضائح إلى مكتب "موساك فونسيكا" للتهرب من الضرائب، ونقل ثرواتهم إلى الخارج، من خلال شراء شركات أجنبية سرية.