تقارير: واشنطن ولندن ضاعفتا دعم حملة القتل السعودية في اليمن بعد قصف قاعة عزاء

في اكتوبر الماضي، استهدفت غارات جوية من قبل التحالف الذي تقوده السعودية قاعة عزاء في اليمن وقتلت وجرحت اكثر من 600 شخص، ووجهت ادانات عالمية للتحالف السعودي. غير أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضاعفتا في الأشهر التي أعقبت تلك الهجمة مبيعات الاسلحة وكمية الوقود التي تقدمها إلى طائرات التحالف، وفقا للأرقام التي حصلت عليها صحيفتا "الغارديان" و"ذي انترسيبت". وتؤكد الارقام حقيقة ان الدعم الامريكى للحملة استمر، بل وتضاعف بالرغم من القلق المتزايد بخسائر المدنيين وجرائم الحرب المرتكبة من قبل التحالف.

ويقول الناشطون الحقوقيون انه كان يتعين على لندن وواشنطن وقف تصدير الاسلحة الى المملكة العربية السعودية بعد هجوم تسبب بغضب دولي.

ووافقت الحكومة البريطانية على بيع 283 مليون جنيه إسترليني من مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية في غضون ستة أشهر بعد هجوم جوي سعودي على قاعة عزاء قتلت وجرحت مئات الأشخاص وانتقدتها الأمم المتحدة، وفقا لما كشفته تقارير جديدة.

واستهدفت الغارات الجوية في 8 أكتوبر / تشرين الأول 2016 قاعة عزاء في العاصمة اليمنية صنعاء، ما أسفر عن مقتل 140 شخصا وإصابة مئات آخرين، في واحدة من أكثر الهجمات دموية في الحملة التي قادتها السعودية في اليمن على مدى اكثر من عامين. وقد واجهت صادرات الأسلحة البريطانية إلى المملكة العربية السعودية تدقيقا مكثفا من قبل النواب والحملة منذ بداية الحرب، ولكن الرياض لا تزال أهم عميل سلاح في المملكة المتحدة.

وعقب الهجوم الدموي، اوقف وزير التجارة البريطاني، ليام فوكس، التوقيع على مجموعة من تراخيص تصدير الاسلحة الى السعودية. الا ان الوثائق التى حصلت عليها "الغارديان" كشفت ان وزير الخارجية بوريس جونسون نصحه بانه يتعين مواصلة المبيعات حيث يرى انه ليس هناك خطر واضح بان تستخدم الاسلحة البريطانية لانتهاكات خطيرة للقانون الانساني الدولي.

وفي الأشهر الستة التي اعقبت الهجوم، أذنت الحكومة بتصدير ما قيمته 263 مليون جنيه استرليني من مكونات الطائرات القتالية إلى سلاح الجو السعودي، و 4 ملايين جنيه من القنابل والصواريخ، وفقا لبيانات صادرة من "الحملة ضد تجارة الأسلحة".

تؤكد الارقام ان الدعم الامريكى والبريطاني للحملة استمر بل وتضاعف رغم القلق المتزايد بخسائر  المدنيين وجرائم الحرب المرتكبة من قبل التحالف
تؤكد الارقام ان الدعم الامريكى والبريطاني للحملة استمر بل وتضاعف رغم القلق المتزايد بخسائر المدنيين وجرائم الحرب المرتكبة من قبل التحالف

وقال اندرو سميث المتحدث باسم حملة مكافحة تجارة الاسلحة "ان الهجوم الرهيب على قاعة العزاء كان يجب ان يكون بمثابة تأمل وان تعيد المملكة المتحدة النظر في دعمها السياسي والعسكري غير الحكيم للمملكة العربية السعودية". "وبدلا من ذلك، واصلت المملكة تصدير الطائرات المقاتلة والقنابل والأسلحة الفتاكة الأخرى للنظام السعودي".

واضاف سميث: "إذا كان قتل 140 شخصا في مشهد حداد تحول إلى مجزرة لا يكفي لوقف مبيعات الأسلحة، لقد سقطت اليمن في كارثة إنسانية فظيعة. فكم من القتلى نحتاج قبل أن تفعل المملكة المتحدة أخيرا الشيء الصحيح وتوقف تسليح النظام السعودي؟".

لكن المحكمة العليا قضت هذا الشهر بأن الحكومة البريطانية لم تخرق قانون تصدير الأسلحة بمواصلتها تنفيذ الصفقات التي ابرمتها مع المملكة العربية السعودية رغم تزايد الاتهامات الموجهة للأخيرة بالقتل العشوائي باليمن.

وتنص قواعد بيع الأسلحة في بريطانيا والاتحاد الأوروبي على أن تراخيص البيع لا يمكن أن تمنح إذا كان هناك "خطر واضح" يشير إلى احتمال استخدام تلك المعدات في انتهاك القانون الدولي.

وصوت مجلس النواب الأمريكي هذا الشهر بأغلبية ساحقة لمنع مشاركة الولايات المتحدة في الحرب التي تقودها السعودية على اليمن، عندما مرر المجلس تعديلات السناتور وارن دافيدسون والسناتور ريك نولان على قانون تفويض الدفاع الوطني.

وقدم السناتور ريك نولان، تعديلا لحظر استخدام الاموال لنشر قوات امريكية في اليمن، بينما قدم السناتور وارن دافيدسون تعديلا لحظر تمويل اي عملية عسكرية في اليمن، وفاز باقراره في مجلس النواب.

لكن التعديل، الذي قدمه عضو الكونجرس الديمقراطي رو خانا من كاليفورنيا بدعم من الحزبين، والذي من شأنه يمنع تمويل إعادة تزويد الطائرات بالوقود الذي يستخدمه التحالف في اليمن، فشل في تمريره من قبل لجنة القواعد الليلة الماضية، ومن ثم لن يتم التصويت عليه.

وقال عضو الكونغرس خانا لـ"انترسيبت" ان تعديل خانا سيكون "على الاقل يتطلب من الكونغرس تقديم تقارير الى الكونغرس حول عدد طلعات التزود بالوقود، والتحقق من عدم تورطهم في وفيات المدنيين". وأضاف "انني اشعر بخيبة امل من ان مجلس النواب لن يصوت على التعديلات التي من شأنها ان تفرض رقابة اكبر على العمليات الامريكية في اليمن". "إن الكونغرس يسيء إلى عدم الاعتراف بالأثر المدني لعملياتنا العسكرية في الشرق الأوسط. يجب ان نضع تدابير لمنع المزيد من الفظائع في اليمن".

 خبراء الطب الشرعي يحققون في مكان الحادث في قاعة العزاء التي قصفتها طائرات العدوان السعودي في صنعاء 9 أكتوبر 2016. Khaled Abdullah/Reuters
خبراء الطب الشرعي يحققون في مكان الحادث في قاعة العزاء التي قصفتها طائرات العدوان السعودي في صنعاء 9 أكتوبر 2016. Khaled Abdullah/Reuters

وفي 25 مارس 2015، أعلنت إدارة أوباما عن دعمها للحملة السعودية ضد الحوثيين والقوات المتحالفة معها، التي استولت على مساحات واسعة من البلاد، بما في ذلك العاصمة صنعاء. وفي اليوم التالي، قال قائد العمليات المركزية في البنتاغون الجنرال لويد أوستن لاعضاء الكونغرس إنه لا يعرف "الأهداف والغايات المحددة للحملة السعودية". ومنذ ذلك الحين قامت الولايات المتحدة بتزويد طائرات التحالف بأكثر من 67 مليون رطل من الوقود - وأكثر من 9،000 طلعة - وفقا لأرقام القوات الجوية التي حصل عليها "ذي انترسيبت".

ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن التحالف السعودي مسؤول عن مقتل 13333 مدنيا على الأقل في اليمن منذ بدء الدعم الأمريكي. ويمثل ذلك أكثر من 60 في المائة من المدنيين المؤكدين الذين قتلوا في الأعمال القتالية منذ عام 2015.

وكشف المسح الذي أجراه "مشروع بيانات اليمن" لصحيفة الغارديان، الذي يراقب تقارير المصادر المفتوحة عن الغارات الجوية في اليمن، ان التحالف بقيادة التحالف شن أكثر من 13،081 غارة جوية حتى 2 يونيو من الشهر الماضي.

وبعد شهرين من الهجمة "المزدوجة" على قاعة العزاء في العاصمة صنعاء في أكتوبر من العام الماضي، حظرت ادارة أوباما بيع الذخائر الموجهة بدقة إلى المملكة العربية السعودية، وهي علامة على احتجاج على حملة دعمتها لمدة 18 شهرا، وضد بلد وافقت الإدارة بالفعل على مبيعات أسلحة تتجاوز 100 مليار دولار.

وعلى الرغم من أن القيادة المركزية للبنتاغون قالت إن الولايات المتحدة لم تزود أي طائرة بالوقود يوم الهجوم على قاعة العزاء، إلا ان التزود بالوقود ارتفع بعد ذلك - من 2.02 مليون رطل في أكتوبر إلى 3.69 مليون رطل في ديسمبر. وسجل رقما قياسيا بلغ 4.2 مليون رطل في يناير، وهو شهر انقسم بين إدارتي أوباما وترامب. وظل التزود بالوقود عند مستويات شبه قياسية خلال شهر مارس (4.03 مليون رطل) قبل أن ينخفض ​​في مايو ويونيو. وخلال عام 2017، ارتفع إجمالي المجاميع الشهرية بنحو الثلث مقارنة بعامي 2015 و 2016.

المصدر: الغارديان وذي انترسيبت