ميدل ايست آي: بعد قطر وانقلاب القصر السعودي.. هادي الهدف التالي

*ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع "ميدل ايست آي" البريطاني

الخطوة الأخيرة من انقلاب القصر الذي كنت أكتب عنه منذ تولي الملك سلمان قد اكتمل للتو. كان الجميع ينتظرون انقلابا على قطر. في الواقع، كان الانقلاب داخل المملكة نفسها.

حدث ذلك في منتصف الليل بعد صلاة الفجر، التي تبشر ببزوغ فجر يوم جديد، واستيقظ الملايين من السعوديين على واقع جديد - أمير يبلغ من العمر 31 عاما سيكون الملك القادم.

إن رحيل والده الملك سلمان - الذي لم يكن خطابه التلفزيوني المباشر خلال زيارة ترامب إلى الرياض مفهوما للعديد من الذين سمعوه باللغة العربية - لم يعد أكثر من مسألة شكلية، طالما وبن سلمان هو الآن ملك كل شيء.

تم الانقلاب خطوة بخطوة، وكانت العقبة الأخيرة أمام اعتلاء بن سلمان العرش، ابن عمه محمد بن نايف، وقد تم تجريده من سلطته تباعا. كان هناك القليل الذي يمكن القيام به لوقفه، لكنه قاتل على طول الطريق.

بداية، تم إلغاء الديوان الخاص به، ثم تم إنشاء مجلس أمن وطني فوق رأسه قبل أن يتم تجريد وزارته من دور الادعاء. وأثناء ذلك تمت محاصرة أقرب حلفائه في قطر.

جميع مفاصل السلطة الآن في أيدي شاب، متهور وعديم الخبرة، اكتسب سمعة طائشة خلال الفترة القصيرة التي قضاها كوزير للدفاع.

شن حملة جوية في اليمن ثم اختفى إلى جزر المالديف في عطلة. استغرق الأمر عدة أيام قبل أن يصل إليه وزير الدفاع الأمريكي. وبعد عشرة آلاف من القتلى في اليمن، لا يزال الحوثيون وحلفاؤهم ثابتين في العاصمة صنعاء، بينما انقسم الجنوب "المحرر" بعيدا عن سلطة عبد ربه منصور هادي، وتفشت الكوليرا.

كل ملف تولى بن سلمان مسؤوليته انتهي به إلى الفشل. في البداية تبنى سياسة التقشف عبر طرح تخفيضات عميقة في الأجور لموظفي الحكومة، محذرا من أن البلاد ستفلس في غضون خمس سنوات. ثم قام لاحقا بعكس التخفيضات مدعيا الوصول إلى الاستقرار المالي. ثم ألزم نفسه بمبلغ يصل إلى 500 مليار دولار من المشتريات العسكرية من أمريكا. والآن سيحصل جميع السعوديين، في المملكة التي يقودها التقشف، على عطلة إضافية في عطلة عيد الأضحى، أي ما يقرب من أسبوعين من العطلة عن العمل.

وتبقى التفاصيل الدقيقة لقرارات بن سلمان المتهورة مفقودة. القصة ذاتها تنطبق على سوريا، ودعونا لا ننسى ان السعوديين زجوا بأعنف المليشيات المسلحة في سوريا. في عهد الأمير بندر بن سلطان، كأمين للأمن القومي، تم الإفراج عن 1239 سجينا محكوما عليهم بالإعدام - بمن فيهم المغتصبون والقتلة - بشرط أن يذهبوا للقتال في سوريا. وقد تم توثيق ذلك بوضوح بالأبيض والأسود في مذكرة مؤرخة بـ17 أبريل 2012.

وتحت حكم بن سلمان، خرجت المملكة من الإدارة الجزئية للمعارضة السورية - التي بلغت حد إخبار رئيس لجنة التفاوض في جنيف بالضبط متى ينبغي للوفد أن يغادر إلى المطار لضمان انهيار المحادثات - إلى فقدان الاهتمام بالمعارضين تماما. أن تكون حليفا للسعودية يعني أنه يمكن أن يتم التخلي عنك في أي وقت.

سواء كان ذلك في اليمن أو سوريا أو في قطر، حصل ولي العهد على لقب آخر: أمير الفوضى.

معلم بن سلمان؟

وكما أفاد موقع "ميدل ايست آي" في ذلك الوقت، فإن معلمه الأمير محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، أعطاه نصيحتين لتسريع طريقه إلى العرش.

الأولى، فتح قناة اتصال مع إسرائيل. وقد فعل ذلك الآن، وتحت قيادته، المملكة هي أقرب مما كانت عليه من أي وقت مضى لبدء الروابط التجارية مع تل أبيب. ويقرأ كل من وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ونيكي هالي المبعوثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة من نفس النص في محاولة إدراج حماس في القائمة السوداء.

وكان الهدف الثاني هو تقليص سلطات المؤسسات الدينية في المملكة.

ورغم أن بن سلمان عمل على تقليص نفوذ المؤسسة الدينية في الحياة اليومية للسعوديين، فإنه يستخدم هذه المؤسسة لتعزيز سلطته، كما ظهر خلال سلسلة التغريدات التي أصدرتها هيئة كبار العلماء في مناسبات متعددة والتي توضح كيف يتم توظيف الدين في خدمة السياسة.

هادي.. الهدف التالي

كل ذلك كان تحت تأثير ترامب. طموحات بن سلمان للاستيلاء على العرش السعودي وخطط بن زايد لفرض ديكتاتورية على العالم الخليجي بأسره جاءت متزامنة مع وصول أخطر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الحديث الى السلطة. واطلقت زيارة ترامب الى الرياض رصاصة البداية.

في غضون أيام، بدأت بندقية بن سلمان وبن زايد تطلق رصاصاتها، أولا ضد قطر ثم تلاها بن نايف.

ومن المؤكد ان اليمن هو هدفهم التالي ولا سيما هادي. وكما ذكرنا سابقا، كانت هناك تداعيات كبيرة بين هادي المنفي، في الرياض، والقوات المحلية في عدن التي يتحكم بها الاماراتيون. والشريكان الرئيسان في الحملة ضد الحوثيين يدعمون الجانبين الذين هم الآن في حالة حرب مع بعضهم البعض في جنوب اليمن.

وكما أفهم من هذا السيناريو، سيحل ذلك قريبا. وكان بن سلمان قد التقى طحنون بن زايد، شقيق محمد بن زايد ومستشاره الأمني، ليطلب منه تهدئة الوضع في جنوب اليمن. محمد بن سلمان وعد طحنون بن زايد، أنه بمجرد انتهاء ترتيبات ولاية العهد، سيتخلص من عبد ربه منصور هادي ويحل محله خالد بحاح، المقرب من الإماراتيين.

وقد قام بحاح بزيارة الرياض مؤخرا لإعادة الاتصال مع الإدارة السعودية الجديدة. وبعد ذلك، من المقرر أن يبدأ الهجوم الواسع على الإصلاح، الفصيل المرتبط بالإخوان المسلمين في اليمن.

هذا هو الفجر الجديد الذي لا ينتظره السعوديون فقط، بل الملايين في المنطقة. وإذا ما نفذت هذه الخطط، فإنها ستقود المنطقة لعقود أخرى من الاضطرابات والحرب الأهلية والحروب بالوكالة وإراقة الدماء.

عندما وصل الملك سلمان ونجله إلى السلطة، كان هناك أمل بأن يتمكنا من توحيد السنة وتوفير قيادة للمنطقة المضطربة، وبدلا من ذلك، فإنهما ربما يكونان تسببا في تفتيت المنطقة إلى الحد الذي يستحيل معه من جديد إصلاحها.