نص إحاطة وكيل الأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ "ستيفن أوبراين" عن اليمن (مترجم)

هاجم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، يوم الثلاثاء 30 مايو/ أيار 2017، التحالف السعودي، وقال إن تهديده بشن هجمات على ميناء الحديدة الذي يعتبر "شريان الحياة" للواردات اليمنية، إضافة إلى عرقلة تخليص البضائع التي تحملها السفن، أدى إلى تخوف التجار من استخدامه.

 

وقال ستيفن اوبراين في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، إنه بعد أن نقلت الحكومة المدعومة من السعودية البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، توقفت رواتب أكثر من مليون موظف، ما يدفع عائلاتهم باتجاه المجاعة.

 

وحذر المسؤول الأممي، من أن اليمن يتجه نحو الانهيار الكامل، ويواجه سكانه الحرب والمجاعة وانتشار وباء الكوليرا القاتل فيما يقف العالم متفرجا. وقال إنه "حان الوقت الآن" لإنهاء أكبر حالة طوارئ غذائية في العالم، وإعادة اليمن إلى طريق البقاء.

 

 

نص الإحاطة:

 

شكراً. وأشكر المبعوث الخاص على بيانه الذي أؤيده تماما.

 

يتعرض الشعب اليمني للحرمان والمرض والموت بينما يراقب العالم. هذه ليست نتيجة غير متوقعة أو متزامنة من قوى خارجة عن إرادتنا. وهي نتيجة مباشرة لأفعال الأطراف ومؤيدي الصراع، وهي أيضا للأسف نتيجة للتقاعس - سواء بسبب العجز أو اللامبالاة - من جانب المجتمع الدولي.

 

وكما سبق لي أن قلت في هذا المجلس في الأشهر الأخيرة، يلزم اتخاذ إجراء عاجل لوقف المعاناة. ومع ذلك، واستنادا إلى الوقائع، وأعود إلى هنا للإبلاغ عن الحالة على أرض الواقع التي استمرت في التدهور نحو الانهيار الاجتماعي والاقتصادي والمؤسسي الكلي. ويتعرض اليمن لأكبر أزمة للأمن الغذائي في العالم، حيث أكثر من 17 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، منهم 6.8 مليون شخص على بعد خطوة واحدة من المجاعة. الأزمة ليست قادمة، بل هي موجودة اليوم - والناس العاديون يدفعون الثمن.

 

والأمر الأسوأ هو أن خطر المجاعة يزيد ويتفاقم بسبب الصراع. اليمن لا يواجه جفافاً. إذا لم يكن هناك صراع في اليمن، لما واجه المجاعة والبؤس والمرض والموت - المجاعة بالتأكيد يمكن تجنبها وتفاديها. ونعلم جميعا أنه ما من حل عسكري لهذا النزاع. وسنستمر كموظفين إنسانيين للقيام بكل ما في وسعنا لتجنب المجاعة في اليمن، على الرغم من التحديات التي تواجه عملياتنا من جانب جميع الأطراف ومؤيديها.

 

وفي حين قامت آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش بتيسير أكثر من 7.6 مليون طن متري من السلع، منها 3.8 مليون طن متري من الأغذية، من خلال موانئ البحر الأحمر اليمنية، لكن قدرة الناس على شراء الأغذية تتضاءل. ونحن نعمل بجد لتعزيز هذه الآلية وتمويلها.

 

وعلى وجه الخصوص، لا تزال المحافظات التي يستمر فيها القتال النشط والغارات الجوية - مثل تعز وحجة وصعدة والجوف ومارب - تعاني بشكل كبير من ارتفاع أسعار السلع الأساسية. وكانت أسعار الفاصوليا الحمراء ودقيق القمح أعلى بنسبة 59 في المائة و29 في المائة على التوالي في نيسان / أبريل 2017 عما كانت عليه قبل الأزمة. إن الاقتصاد آخذ في الانهيار، واختفت العمالة كلها، أسعار الغذاء والوقود قد ارتفعت بشكل حاد، وهناك تعطيلات حادة في صيد الأسماك والإنتاج الزراعي.

 

 

السيد الرئيس،


 فالأمر ليس مجرد حالة الأمن الغذائي. إن القدرة المؤسسية لليمن على الاستجابة للاحتياجات الأساسية للسكان آخذة في التدهور، وتفاقمت بسبب فشل البنك المركزي - بعد نقله من صنعاء إلى عدن. لقد أثبت جميع أطراف النزاع في اليمن عجزها المستمر عن تلبية الاحتياجات الحقيقية للشعب اليمني أولا. والنظام الصحي تدهور بالكامل، حيث أغلقت نصف المرافق الصحية الآن. فالناس يموتون لأن العلاج الطبي الأساسي، الذي نعتبره من المسلمات، لم يعد متوفرا. وعندما انتهي من بياني أمام المجلس اليوم، اعلم ان طفلاً آخر في اليمن سيلقي حتفه بسبب مرض يمكن الوقاية منه.

 

ولم يتم دفع رواتب أكثر من مليون موظف حكومي لعدة أشهر، مما أثر على أكثر من ثمانية ملايين شخص، مما دفع المزيد والمزيد من الأسر نحو الفقر والمجاعات. وتقوم الأسر بتزويج بناتها الصغيرات ليقوم اخرون بالاهتمام بهن، وكثيرا ما يستخدم المهر لدفع ثمن الضروريات الأساسية.

 

وبينما يعمل العاملون في المجال الإنساني على مساعدة أفقر الفقراء، بتنا نرى ان المهنيين - مثل أساتذة الجامعات - باتوا بحاجة الى المساعدة الغذائية. وكلما طال أمد ذلك، زاد الضغط على الموارد الإنسانية الشحيحة أصلا.

 

 

السيد الرئيس،


 إن الضغوطات التي تواجه النظام اليمني الهش للغاية أصبحت واضحة تماما في الشهر الماضي، مع عودة الكوليرا. واستغرق النظام الصحي المنهك وقتا أطول للكشف عن علامات التحذير من الكوليرا حيث لم يتم دفع أجور العاملين الصحيين الذين كانوا سيحافظون على نظم مراقبة الأمراض. ولم تكن شبكات المياه والصرف الصحي تعمل بسبب نقص الوقود والصيانة الأساسية، مما جعل أكثر من ثمانية ملايين شخص لا يحصلون على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي. وأدى موسم الأمطار، واختلاطه بالقمامة غير المحصلة التي تراكمت في شوارع المدن الكبيرة، إلى تهيئة الظروف المثالية للانتشار السريع للأمراض المعدية المنقولة بالمياه.

 

في الشهر الماضي فقط، تضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من حالات يشتبه في إصابتهم بالكوليرا مقارنة مع الحالات في الأشهر الستة الماضية مجتمعة وثلثهم من الأطفال. ومن المهم أن يؤخذ في الاعتبار أن سوء التغذية والكوليرا مترابطان؛ فإن الأشخاص الضعفاء والجوعى أكثر عرضة للكوليرا وأقل قدرة على البقاء على قيد الحياة. ووفقا للتقديرات، من المتوقع أن تظهر 000 150 حالة خلال الأشهر الستة المقبلة، بالإضافة إلى الحالات المشتبه فيها حاليا والبالغ عددها 000 60 حالة منذ أواخر نيسان / أبريل، مع 500 حالة وفاة مرتبطة بها.

 

إن حجم هذا التفشي الأخير نتيجة مباشرة للنزاع، ولو كان طرفا النزاع يهتمان، لتمكنا من تجنب تفشي المرض. ولكن اسمحوا لي أن أشيد بسرعة وشجاعة الأمم المتحدة وشركائها في المجال الإنساني، بمن فيهم العاملون في مجال تقديم المعونة من المنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية، الذين يبذلون قصارى جهدهم تحت قيادة قوية من منسق الشؤون الإنسانية جيمي ماكغولدريك.

 

 

السيد الرئيس،


 تعمل الأمم المتحدة وشركاؤها بلا كلل لمساعدة السلطات من جميع الجوانب - من عدن إلى صعدة ومن الحديدة إلى تعز - لمواجهة التحدي الذي يمثله تفشي الكوليرا. وقمنا بتوسيع نطاق المساعدة على وجه السرعة، مما أدى إلى مضاعفة عدد مراكز علاج الإسهال إلى أربعة أضعاف في الشهر الماضي، وأنشأنا 136 من زوايا الإماهة الفموية. وتوجد جهود متزامنة في مجال المياه والصرف الصحي والصحة لضمان استجابة شاملة، بما في ذلك حملة توعية على نطاق البلد.

 

 

السيد الرئيس،


 تمثل الاستجابة الإنسانية لتفشي الكوليرا جزءا واحدا من استجابة أكبر بكثير. وكما تعلمون، شارك الأمين العام في 25 نيسان / أبريل، إلى جانب وزراء خارجية السويد وسويسرا، في استضافة مؤتمر رفيع المستوى لإعلان التبرعات لليمن للاستجابة للاحتياجات المتزايدة الحادة في البلد. وأسفر المؤتمر عن تبرعات سخية للغاية بلغت 1.1 مليار دولار. ونعرب عن امتناننا لجميع المانحين الذين دفعوا تعهداتهم بالكامل؛ وتشجيع الآخرين على فعل الشيء نفسه.

 

 

السيد الرئيس،


 اسمحوا لي الآن أن أنتقل إلى مسألة وصول المواد الغذائية الى البلاد. ميناء الحديدة هو شريان الحياة لليمن، كونه نقطة الدخول الرئيسية للواردات التجارية والإنسانية إلى البلاد، حيث يعتمد اليمن على 80-90 في المائة من المواد الغذائية المستوردة. كما أنه الميناء الوحيد في اليمن الذي يمكنه التعامل مع الوقود، والبضائع السائبة والحاويات على نطاق واسع. ومع ذلك هناك وصول متقطع للسفن إلى ميناء الحديدة بسبب اعاقة او تأخير من قبل التحالف، الذي - إلى جانب التهديد بشن هجوم على ميناء الحديدة - قد اضر بثقة التجار. في حين استغرق الأمر في المتوسط أسبوعا للابحار عبر الميناء، فإنه يأخذ الآن خمسة اسابيع في كثير من مناسبة. ونظرا لارتفاع التكاليف، أصبحت شركات الشحن الكبرى الآن تتجنب ببساطة موانئ البحر الأحمر، مما يحرم الشعب اليمني من الغذاء والوقود الذي تمس الحاجة إليه.

 

وإنني أناشد الدول الأعضاء أن تكفل بذل جميع الجهود لإبقاء ميناء الحديدة مفتوحا ويعمل. إن الهجوم على الحديدة ليس في صالح أي طرف، لأنه سيؤدي بشكل مباشر لا رجعة فيه إلى دفع السكان اليمنيين إلى مزيد من الموت والمجاعة. وفي هذا الصدد، نواصل دعم الجهود التي يبذلها المبعوث الخاص لوضع حل مستدام لحماية الميناء بوصفه بنية تحتية مدنية حيوي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن اعادة الرافعات المتحركة للأمم المتحدة، التي ظلت عالقة خلال الأشهر الأربعة الأخيرة في دبي، سيكون استثمارا في الطابع المدني لميناء الحديدة، وسيساعد في وصول الغذاء والوقود لأولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها.

 

وبصرف النظر عن الحدیدة، یجب علی الأطراف الالتزام بضمان فتح جمیع الموانئ الأخرى، بالإضافة إلی الطرق البریة، من اجل وصول الواردات الإنسانیة والتجاریة لأن العمل الإنساني وحده لا یمکن أن یفي باحتیاجات 27 ملیون نسمة. ويجب أن يكون الوصول إلى جميع أنحاء البلد، بما في ذلك محافظة تعز، آمنا ومتسقا وغير معاق، ويجب السماح للسلع التجارية بالوصول إلى الموانئ اليمنية دون تأخيرات اصطناعية وتجاوزات. وعلاوة على ذلك، انه لامر حتمي من استئناف الرحلات التجارية إلى صنعاء - للسماح للمدنيين بالتماس العلاج الطبي ولإعادة شمل الأسر.

 

 

السيد الرئيس،


 الوقت ينفد. ويواجه الشعب اليمني "خطرا ثلاثيا" من النزاع المسلح والمجاعة والأمراض الفتاكة التي أدت بالفعل إلى قتل أو جرح أو تشريد أو تأثر الملايين بأي شكل آخر. والسخرية، كما قلت في البداية، هي أن هذه التهديدات هي من صنع الإنسان ويمكن بسهولة تجنبها. وعلى المجتمع الدولي، بالتنسيق مع أطراف الصراع، واجب ملح الآن للتصدي لهذه التهديدات وعدم جر اليمن الى حافة كارثة كاملة.

 

السيد الرئيس،


 وباعتبارنا موظفين إنسانيين، فإننا نواصل عملنا وسنواصل القيام به، ولكن الشعب اليمني يحتاج أيضا إلى المجتمع الدولي للقيام بوظيفته. إن التوصل إلى اتفاق سياسي مستدام هو الحل الوحيد الطويل الأجل، ويجب السعي إلى الحد من العنف، ووضع حد لانتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، والوصول دون عوائق إلى المحتاجين. ولا يمكن لأطراف الصراع والمجتمع الدولي، ولاسيما مجلس الأمن، أن يسمحوا بالتركيبة المرعبة ان تحكم على الشعب اليمني بالموت.

 

وإنني أدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ الإجراءات الفورية التالية لتفادي العواقب التي سيكون لها أثر على الأجيال القادمة وعلى المنطقة بشكل أوسع:

 

- ضمان حماية الشعب اليمني. وطالما استمرت الأعمال العسكرية، يجب على جميع الأطراف أن تمتثل للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، ويجب على جميع الدول أن تمارس نفوذها لضمان قيام الأطراف بذلك.

 

- ضمان أن تظل جميع الموانئ والطرق البرية مفتوحة لكل الواردات الإنسانية والتجارية. وهذا يشمل بذل الجهود لتجنب هجوم على الحديدة وإعادة فتح مطار صنعاء. نحن بحاجة إلى الرافعات المتحركة في الميناء.

 

- الحفاظ على المؤسسات اليمنية الأساسية، وضمان دفع أجور موظفي الخدمة المدنية. ولم يعد هذا مجرد مسألة سياسية أو اقتصادية، فهو يتعلق بالإنسانية الأساسية، والكرامة الإنسانية، وبالفعل، البقاء على قيد الحياة.

 

 

السيد الرئيس،


 تنتشر الكوليرا بمعدل لم يسبق لها مثيل والمجاعة تطرق أبواب الملايين اليوم. ويجب على أطراف هذا الصراع وحلفائهم، وكذلك بلدان المنطقة والعالم أجمع، أن تضع جانبا السياسة والمصلحة الذاتية وأن تستجيب على أقصى مستوى إنساني - تيسير الوصول وتعبئة الموارد لمعالجة تفشي وباء الكوليرا والسماح للأغذية بالوصول إلى المحتاجين.

 

وبهذه الروح، أحث الأطراف على أن تضاعف، بدعم من المجتمع الدولي، جهودها الرامية إلى تحقيق تسوية سياسية مستدامة تكون فيها حماية الشعب وكرامته ورفاهه في صميم أي اتفاق. وبإمكاننا أن نعمل معا على إنهاء إحدى المآسي الإنسانية الكبيرة في العالم، وأن نعيد اليمن إلى طريق البقاء والمستقبل. فما زال لدينا وقت.

 

وأشكركم، سيدي الرئيس.