هشام شرف: متى بدأت خطة العدوان على اليمن، وأين تم إعتمادها، ومن هي الدولة التي اعترضت ولماذا؟

من منا لايتذكر الحلم العربي من خلال أوبريت (الحلم العربي) المشهور،الذي هزّ كل المشاعر العربية ونجح في لفت الإنتباه حول ماكان يجري ومايزال، بحق شعبنا العربي في فلسطين وتحديدا في (غزة) و(الضفة الغربية) من عدوان وقتل وحصاروتهجير ومصادرة للأرضوالهوية، وقد عكس ذلك الأوبريت، بحق، مانشعر به كشعوب عربية تجاه أشقائنا في فلسطين هذا من جهة، ومن جهة ثانية: ما نحتاجه من تضامن ووحدة وتعاون وتآخي وتراحم.
 
لكن وبكل أسف،وبدلا من إستمرار الأمل والحلم العربي بإنتهاء معاناة أشقائنا في غزة والضفة وعموم أراضينا العربية المحتلة ومقدساتناالمغتصبة في فلسطين،هاهي الأيام تأتي لنا بكوابيس جديدة لعدد من  شعوب “الحلم العربي” ، وهذه المرة بأيادي عربية خالصة تقريبا،تقودها واحدة من أهم وأكبرالدول العربية والإسلامية ( السعودية) وهنا تكمن المفارقة ، فبدلا من أن تكون هذه الدولة حامية للحقوق العربية ومنافحة عنها وعن سيادتها،تحولت إلى منتهكة لها ومبددة للحلم العربي في اليمن وسوريا وغيرهما .
 
ليلة الأحد 16 أكتوبر تباكى على اليمنيين وتأثر بالجرائم التي ترتكب بحقهم الأمريكيون والبريطانيون وشاركهم أوقُل، تواجد معهم منيدّعي القيام بجهود الوساطة أوفاعل خير، مع أن شرّه هو الملموس دون خيره، وعلى مختلف الجوانب.
 
المهم  افضى ذلك الاجتماع إلى توجيه الدعوة بضرورة وقف دائم لاطلاق النار وبدء مفاوضات جديدة لإحلال السلام، ونعتقد أن هذا الموقف والدعوة اللذين تبنتهما ( أميركا ) و ( بريطانيا) جاءا بعد الانتشار الواسع لروائح ومشاهد الجرائم التي يرتكبها العدوان في اليمن، والتي أزكمت الأنوف وسببت بعض الحرج لصانعيّ القرار والأسلحة الفتاكة في الغرب الذين يزودون بها قوى العدوان ومعها أيضا ،كل ما تحتاجه من معلومات وإحداثيات وتقنيات وتكنولوجيا.
 
وهنا دعونا نُشير إلى نقطة جوهرية ، وهي أن الحكومات الغربية قد بدأت تشعر بالحرج حيال هذه الحرب الظالمة،فيما الأشقاء الذينيقودونها لم يشعروا بأي حرج أوإحساس بالذنب والمسؤلية.
 
ومع استمرارآلة الحرب على الشعب اليمني بمختلف الأشكال والصور نضع هذا التساؤل : هل كان سبب العدوان الأعمى هو تهديد اليمن،المصنف كأحد أقل الدول نموا في المنطقه،لأشقائه وعلى رأسهم الإخوة في السعودية، الذين شعروا مثلا، بتهديد حقيقي، من الصواريخ اليمنية الدفاعية، بعد دخول جماعة الحوثيين صنعاء وصولا لمحاصرتهم عبدربه منصور هادي قبل أن يقدم استقالته،أم أن السبب يكمن في ديمقراطية وكرم (الجيران) المفرط الذين اعتدوا ويعتدون بحجة إعادة شرعية رئيس منتهية ولايته ومقدم إستقالته لبرلمان بلاده الشرعي؟
 
وبغض النظر عن اختيار أحد السببين أوأي سبب آخر،فقد يفسر البعض قرار الحرب بأنه ناتج عن تراكمات من لأحقاد والضغائن وبعض الحسابات القديمة والجديدة، لكن أيا يكن ذلك، دعونا لانقفز فوق الواقع وحقائق الامور،وتعالوا لنطّلع على بعض  الأشياء الموثقه حديثا لدى بعض دوائر الاستخبارات العالمية التي ترصد وتوجه كثيرا من الأحداث والسياسات في عالمنا العربي، ونظن أنه ليسبالضرورة  تحديدها بدقة وسنكتفي بالإشارة إليها ،والحليم – كما يقال –  تكفيه الإشارة.
 
تشير المعلومات المؤكده الى أن العدوان السعودي على اليمن كان قد بدأ الإعداد الفعلي له بتاريخ ( 2014/أكتوبر/17)  في الرياضبشكله السياسي وبالتفاهم مع الرئاسة اليمنية آنذاك، التي طلبت – أيضا –  من المملكة القضاء على الرئيس صالح والحوثيين،وبعد إعطاءجهة ما في القيادة السعودية الضوء الأخضر للعسكريين لوضع خطة المؤامرة والحرب ،تقاطرت وفود عسكرية خليجية إلى الرياض لعقد إجتماع هام تم فيه التنسيق مع ممثلين عن الرئاسة اليمنية ،وكان هذا اللقاء بتاريخ ( 2014/أكتوبر/27 ) وقد خرج بتصور كامل للخطة العسكرية الخاصة بشن الحرب، والتي تحفظت عنها (سلطنة عمان) وطلبت بالعمل على ايجاد حل سياسي، مؤكدة عدم مشاركتها في أي عمليات عسكرية ضد هذا الجار.
 
 وعلى إثر ذلك الاجتماع الهام ،بدأ التنسيق مع عدة دول لتشكيل غطاء دولي من خلال مجلس الأمن، كما تم تشكيل وتكليف لجنةخاصه بوضع خطة الحرب التفصيلية،على أن تكون اللجنة نفسها، همزة وصل مع القيادات العسكرية والجماعات المسلحة التابعةللرئاسة اليمنية التي لم يكن حينها هادي قد قدّم استقالته لمجلس النواب.
 
 على أية حال .. استمر الإعداد على قدم وساق ،وقبل وأثناء انطلاق ما تسمى بـ ( عاصفة الحزم ) تم التنسيق الكامل مع حُلفاء العدوان في الداخل اليمني الذين اعطوا الإحداثيات والمعلومات الهامة الخاصة بالجيش والمواقع الاستراتيجية، اضافة – وكماأشرنا في مقال سابق- لقيامهم بكشف وتعطيل منظومة الدفاع الجوي اليمنية والصواريخ الدفاعية.
 
ليتضح من هذا كله ..أن التخطيط  للعمليات العسكرية الخاصة بالعدوان قد بدأت عمليا قبل خمسة أشهرمن انطلاقها تحت مبررإعادة الرئيس المستقيل وخطر زيادة نفوذ  جماعة الحوثيين وإيران….ولنكن صرحاء :هل كان دخول الحوثيين إلى صنعاء واحتمال تحالفهم مع الرئيس علي عبد الله صالح من شأنه أن يجعل السعودية تحت مرمى الصواريخ اليمنية الدفاعية التي أنشأها صالح خلال عدة سنوات وتم تعطيل معظمها قبل العدوان ؟
 
وهل نست دوائر الحكم في الرياض أنهم يرتبطون مع أميركا وبريطانيا والغرب عموما بإتفاقيات دفاع مشترك ،ما يعني أنه وفي حال حدث أي هجوم عليهم ، سواء من صالح والحوثيين أومن غيرهم، فإن تلك القواعد الأجنبية في قطر والسعودية والبحرين وأساطيلهاستتصدّى له؟
 
ودعنا من هذا كله : هل إعادة رئيس مستقيل مبرر لقتل وجرح عشرات الآلاف والعمل على إعادة البلد عقود إلى الوراء( عصر الإمامة)وتخريب كل مابناه اليمنيون بعد ثورة 26سبتمبر الخالدة؟
 
سيأتي في القريب اليوم الذي سيتم فيه تسليط الضؤ على اسرار العدوان على اليمن ويعرف الجميع كل من شارك فيه،وستكشف لنا القوى الدولية وأجهزتهاالمختلفة بدايات هذا الكابوس وما أحدثه من قتل واضطراب لحياة أكثرمن( 27) مليون إنسانا.
 
أخيرا: متى ستتخلى القيادة السعودية عن عنادها وكبريائها وتأخذ بالنصيحة الحكيمة للرئيس صالح ،وتبادر في الجلوس مع اليمنيين على طاولة الحوار، ومن ثم الخروج بتصور أوخطه للسلام بين البلدين،يعقبها حل مقدور عليه للملف( اليمني – اليمني)؟
 
* وزيرالتجارة والنفط والتعليم العالي اليمني السابق وقيادي في حزب المؤتمر
 
  نقلاً عن "رأي اليوم" OCTOBER 18, 2016