على وشك إنتاج هيدروجين معدني قد يغير كل شيء

أثارت نتائج وتبعات اكتشاف شكل معدني للهيدروجين حماسة كبيرة. وتتسابق الفرق العلمية على استخدامه كموصل كهربائي فائق، وكوسيلة لفهم الكون بشكل أفضل.
 
يعتبر الهيدروجين العنصر الأكثر بساطة وانتشاراً، ويحتل الموقع الأول في الجدول الدوري، وبالتالي ليس من الصعب كشف أسراره. أليس كذلك؟ يسأل نيل آشكروفت، فيزيائي نظري في جامعة كورنيل: "ماذا يمكن أن يكون أبسط من مجرد تجميع للإلكترونات والبروتونات؟" ولكن شكله المعدني المفترض عكس ذلك تماماً. على ما يبدو، فإن فيزياء الهيدروجين تصبح أعقد عند الضغوط العالية، ما يشبه قفزة تطورية كبيرة.
 
يتواجد الهيدروجين طبيعياً في الحالة الغازية، وذلك في درجة حرارة الغرفة والضغط الجوي، ولكن إذا تم ضغطه في درجة حرارة منخفضة، يتحول إلى صلب، ويمكنه أيضاً أن يتحول إلى سائل، بزيادة الحرارة مع زيادة الضغط، وما هو أكثر إدهاشاً قدرتُه المفترضة، نظرياً، على التحول إلى معدن إذا وضع ضمن شروط قاسية جداً.
 
يستمر تعقيد العنصر الأول في الجدول الدوري بإثارة ذهول العلماء، ويضاف إلى ذلك احتمال تحول الهيدروجين إلى معدن، وكما في حالة كل المعادن، قد يصبح ناقلاً مهماً للطاقة، وربما أكثر النواقل فعالية.
 
التطبيقات
 
لم يكن تحويل الهيدروجين إلى معدن شيئاً يمكن تحقيقه بضغطة زر، كما كان يأمل العلماء.
 
حالياً، هناك فريقان يعملان على هذا الموضوع. يعمل كلا الفريقين في مخابر مركّزة التخصص، وتقوم هذه الفرق إما بتطبيق نبضات كهربائية قوية على الهيدروجين، أو صعقه بالليزر، أو ضغط ماسات ثقيلة معاً لضغط الغاز.
 
على الرغم من أن كلا الفريقين يتسابقان لتحويل الهيدروجين السائل أو الصلب إلى شكله المعدني، فإن لديهما أهدافاً مختلفة.
حقوق الصورة: فيليب دالادي – سيمبسون و يوجين جريجوريانز
حقوق الصورة: فيليب دالادي – سيمبسون و يوجين جريجوريانز
يهدف أحد الفريقين إلى صنع الهيدروجين المعدني لتحويله إلى الناقل الفائق المفترض. أظهرت الاختبارات في يناير الماضي إشارات حسنة، وقد يكون هذا العمل ثورياً، وفقاً للفيزيائي ايزاك سيلفيرا، مدير وحدة الهيدروجين المعدني في جامعة هارفارد. إذا أمكن للهيدروجين أن يحافظ على شكله المعدني بعد زوال الضغط، يمكن أن يصبح ناقلاً فائقاً يعمل في درجة حرارة الغرفة. الناقل المثالي الذي لا يفقد أية إلكترونات أثناء نقل الطاقة: فعال، وقوي، وله العديد من التطبيقات التي يمكن أن تؤثر على حياة الإنسان العادي.
 
تتطلع المجموعة الثانية إلى ما هو أبعد، نحو الفضاء. تظهر تجاربهم أقوى الأدلة على السلوك المعدني للهيدروجين، حتى الآن، ولكن بالشكل السائل. يمكن للهيدروجين المعدني السائل أن يساهم في الإجابة على الكثير من الأسئلة المعقدة حول الكواكب الغازية العملاقة، وهذه العمالقة الغازية مليئة بالهيدروجين. على سبيل المثال، فإن الحقل المغناطيسي للمشتري قد يكون نتيجة لوجود الهيدروجين المعدني السائل. يمكن أيضاً أن نفسر السطوع غير الاعتيادي لزحل، فقد يكون السبب تفاعلات الهيدروجين مع الهيليوم داخل الكوكب.
 
على كل حال، وسواء كان صلباً أم سائلاً، فإن الشكل المعدني للهيدروجين قد يثبت فائدة كبيرة مستقبلاً. ونأمل أن يكون هذا المستقبل قريباً.
 
المصدر: sciencenews