تداع سعودي لإعاقة "تحول زلزالي" في السياسة البريطانية تجاه اليمن

"التحول الزلزالي" بتعبير الغارديان في السياسة البريطانية تجاه الشرق الأوسط يمكن أن يأخذ من ملف الجرائم الإنسانية والانتهاكات بحث المدنيين في اليمن نقطة انطلاق محورية إزاء إقرار وقف صفقات الأسلحة للعربية السعودية كما يوصي تقرير في البرلمان البريطاني قبيل اجتماع مقرر -الأربعاء- تسارع الرياض إلى بذل مساع للحيلولة دون ذلك بواسطة تحرك يقوده وزير الخارجية السعودي.

الأربعاء تسرب مشروع لنواب في البرلمان البريطاني يقول إنه لا مفر لحكومة تيريزا ماي من أخذ القرار.

والثلاثاء قالت صحيفة "الغارديان"، إن وزير الخارجية السعودي، سيطلع النواب البريطاني، شخصياً، لحثهم على عدم حظر مبيعات الأسلحة البريطانية إلى المملكة العربية السعودية في ضوء اتهامات الأمم المتحدة أن الأسلحة البريطانية استخدمت لتنفيذ هجمات عشوائية في اليمن على المستشفيات والأسواق والمدن.

والاثنين 5 سبتمبر، قالت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية، إن رئيسة الوزراء البريطاني، تيريزا ماي، أثارت المخاوف في مجال حقوق الإنسان والصراع في اليمن مع قادة المملكة العربية السعودية في قمة العشرين.

ويقول مشروع تقرير لجنة الحد من التسلح، إن الحكومة لا مفر لها من وقف ذلك، حيث "استخدمت أسلحة مصنوعة في المملكة المتحدة في جرائم حرب في اليمن".

وواجهت الحكومة ضغوطاً لوقف بيع الأسلحة إلى البلاد، وسط اتهامات بانتهاك التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، للقانون الدولي الإنساني.

وقالت ست وكالات ومنظمات إغاثية دولية في رسالة مشتركة موجهة إلى الأمم المتحدة مطلع أغسطس/آب 2016، إن قوات التحالف التي تقودها السعودية، المسؤولة الكبيرة عن مقتل وإصابة الأطفال في اليمن نتيجة للضربات الجوية في البلاد.

تيريزا ماي، ضغوط نحو إحداث تغير زلزالي

برزت بصورة لافتة في بريطانيا خلال الأسبوعين الأخيرين موجة من التنديد بالجرائم والانتهاكات الإنسانية في اليمن ضد المدنيين من قبل التحالف الذي تقوده السعودية،الأمر الذي خلف انطباعا حول تغير (ربما) يطرأ على سياسة وتوجه تريزا ماي وحكومتها فيما يتعلق بالتحالف البريطاني مع المملكة السعودية والتورط في حرب اليمن.

انخرط في الحملة حزب المعارضة الرئيس "العمال" وزعيمه جيرمي كوربن، الذي دعا، إلى مراجعة جذرية لتحالف بريطانيا مع المملكة العربية السعودية "في أعقاب التدخلات الوحشية في اليمن". وقال إن علاقة بريطانيا مع النظام الملكي السعودي، يجب أن تركز على حقوق الإنسان، وليس على مبيعات الأسلحة، التي استخدمها النظام السعودي بوحشية في اليمن والبحرين.

بدوره الحزب الوطني الاسكتلندي دعا وزير الخارجية البريطاني الجديد بوريس جونسون لفرض حظر فوري على مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، وإلى دعم إجراء تحقيق دولي في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن.

وأطلق النائب في الحزب الوطني الاسكتلندي، مارغريت فيرير، دعوة جديدة لإطلاق تحقيق دولي مستقل في مزاعم انتهاكات القانون الإنساني، وسط أدلة متزايدة على أن القوات السعودية ارتكبت جرائم حرب أسفرت عن مقتل مئات الأطفال في اليمن، بحسب ما أوردته الصحيفة.

واتهم الحزب الوطني الاسكتلندي، حكومة المملكة المتحدة بتضليل الرأي العام بشأن الأزمة في اليمن، بعد أن اضطرت لسحب البيانات الخطية والشفوية بشأن تقييم وزراء أن المملكة العربية السعودية لم تخرق القانون الدولي الإنساني في اليمن.

وفي خطوة لافتة ولم تتوقف ردود الأفعال حولها، أصدرت لحكومة البريطانية "بيانا تصحيحي" لثلاثة وزراء، كانوا قد صرحوا بأن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، لم ينتهك اي خروقات للقانون الانساني الدولي ولم ترتكب جرائم حرب.

واعترفت وزراة الخارجية البريطانية في بيان نشرته (الخميس 21 يوليو/تموز 2016) ان تصريحات وزراء المملكة المتحدة بان قوات التحالف التي تقودها السعودية في اليمن لم تنتهك اي خروقات للقانون الانساني الدولي، غير دقيقة ولاتمثل الحكومة البريطانية.

وقال الوزير بوزارة الخارجية توبياس الوود، في بيان مكتوب، ان التصريحات السابقة التي أدلى بها وزراء لا تعكس تماما حقيقة أن الحكومة لم تقدم أي تقييم ما إذا كان السعوديون قد انتهكوا القانون الانساني في اليمن.

وعلى ضوء ذلك دعت النائبة في حزب العمال آن كلويد، إلى فتح تحقيقات في تصريحات وزارة الخارجية ووزيرها السابق فيليب هاموند حول الصراع في اليمن. وقال هاموند، عندما كان وزيراً للخارجية، إن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن امتثل للقانون الإنساني. لكن وزارة الخارجية قالت فيما بعد إنها لم تصدر أي تقييمات ذات الصلة.

تداع سعودي

وفقا لبي بي سي -الإنجليزية- قالت لجنة مجلس العموم البريطاني (البرلمان) بشأن ضوابط تصدير الأسلحة في تقرير مسرب: "إن حجم الأدلة على انتهاكات القانون الإنساني الدولي من قبل قوات التحالف التي تقودها السعودية في اليمن ضخم جداً، بحيث يصعب مواصلة دعم المملكة العربية السعودية مع الحفاظ على مصداقية تراخيص أسلحتنا للنظام السعودي".

يأتي هذا التسريب الواضح من التقرير في الوقت الذي يستعد فيه وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، لعقد جلسة خاصة -الأربعاء- مع أعضاء البرلمان البريطاني حول الوضع في اليمن، وحث البرلمان لعدم وقف بيع الأسلحة إلى النظام السعودي. كما سيعقد مؤتمراً صحفياً في وستمنستر، قبل ساعات من اجتماع لجنة مختارة على السيطرة على صادرات الأسلحة، لتقرر ما إذا كانت هناك دعوة لفرض حظر على مبيعات الأسلحة، وهي خطوة من شأنها أن تمثل تحولاً زلزالياً في سياسة الشرق الأوسط، بحسب ما اعتبرته "الغارديان".

ووفقا للتقرير المسرب للجنة فهي توصي بالفعل بأخذ القرار "الصائب" والذي لا مفر منه. لكن هناك عدم يقين حول طبيعة القرار الأخير للحكومة بالنظر إلى تجارب سابقة وإن كانت الضغوط الآن والمؤشرات توحي بتغير يمكن أن يطرأ.