السجن 3 أشهر و90 جلدة لثلاثة سعوديين بتهمة "العزف" - كاتب سعودي: العزف تحت السياط

عكاظ- 24 / 08 / 2016م
 
يواجه ٣ سعوديين بمنطقة عسير السجن ٣ أشهر والجلد ٩٠ جلدة نظير عزفهم على الآلات الموسيقية باستخدام المكبرات الصوتية في حفلة زواج في أبها، ودفع المتهمون بأنهم لا يعلمون أن ما قاموا به ممنوع باعتبار أنهم يمارسون عملهم هذا منذ سنوات في مختلف محافظات ومناطق المملكة. والتهم الموجهة لهم هي: المجاهرة بالمنكر، العزف على آلات موسيقية، استخدام مكبرات الصوت، إزعاج السكان والمارة.
 
هذا الخبر نشرته صحيفة الوطن في صفحتها الأولى يوم الإثنين، وبما أن الصفحات الأولى للصحف أصبحت تنشر بالصورة كاملة في مواقع التواصل الاجتماعي فإن أي شخص في العالم يفهم اللغة العربية وصادف أن مر على حساب الصحيفة سوف يقرأ هذا الخبر ثم يلقي نظرة على التقويم ليتأكد أنه منشور في الثاني والعشرين من شهر أغسطس للسنة السادسة عشرة من القرن الحادي والعشرين، بعد ذلك الله وحده يعلم ما سيقوله تعليقا على الخبر وعلى المجتمع الذي حدث فيه.
 
دعونا نتفق أننا لا نقر إزعاج السكان والمارة رغم أننا لا نعلم هل اشتكوا من الإزعاج أم أن ذلك نوع من الاحتساب لصالحهم دون شكواهم، ولكن كيف يمكن أن نفهم بقية التهم والحكم بالسجن والجلد عليها. هنا يتضح أن العزف على الآلات الموسيقية منكر في حد ذاته بحسب رأي من أصدر الحكم، وإذا تم ذلك في حفلة زواج فإنه مجاهرة بالمنكر تستحق العقوبة، ولأن العقوبة تخضع لمزاج من أصدرها فقد حددها بالسجن والجلد معا، والعازفون يقولون إنهم لا يعلمون بأن ما يمارسونه منذ سنوات ممنوع.
 
هنا المفارقة الصارخة والتناقض الصادم واللامعقول المتناهي، فقد كانت حفلات الطرب في الأفراح تقام في الشوارع وعلى سطوح المنازل وتسهر الحارات معها لكننا لم نسمع آنذاك عن سجن وجلد المطربين والعازفين لمجرد الغناء والعزف، لم نسمع بكلمة المنكر تتصل بالفن أبدا إلا بعد أن بدأ تحطيم آلات العزف في الملتقيات الدعوية بإخراج درامي وكأنه فتح إسلامي عظيم، وبدأت محاصرة حفلات الغناء العامة حتى اختفت، وأصبحنا المجتمع الوحيد في العالم الذي لا تسمع فيه آلة موسيقية في مكان عام. وهنا لا بد لنا أن نفهم كيف توجد جمعيات للثقافة والفنون وكيف قررنا إنشاء مجمع ملكي للفنون وكيف يوجد لدينا مئات العازفين وكيف نشارك بأسابيع ثقافية في الخارج تضم فرقا موسيقية، ثم يسمع العالم بأننا نسجن ونجلد أعضاء فرقة موسيقية باعتبار العزف في حد ذاته منكراً يوجب العقوبة.
 
لقد مضى العالم إلى آفاق شاسعة وتجاوزت الشعوب تخوم المستقبل ونحن ما زلنا في جدال حول حكم المعازف والموسيقى، وها نحن نسجن ونجلد من يمارسها وننشر العقوبة للعالم، وغدا نغضب ونحتج على ما سيقال عنا.