الموت القادم من الفضاء: كيف يمكن لأشعة جاما أن تقضي على الحياة

تستطيع الثقوب السوداء، في الواقع، أن تدمرنا من على بعد سنوات ضوئية. عندما ينفجر المستعر الأعظم أو السوبرنوفا، فإنه يطلق طاقة شديدة القوة تسمى بانفجار أشعة جاما، والتي تنتقل بسرعة الضوء. على الرغم من أن معظم هذه الانفجارات تحدث على مسافة آمنة من الأرض، إلا أنه يكفي حدوث انفجار واحد على بعد بضعة آلاف من السنوات الضوئية لكي تقع الكارثة.
 
بالنسبة لمعظمنا، يثير القناصة في خيالنا صورة مخيفة: رجل وحيد مسلح عديم الرحمة، مختبئ، ومستعد للقتل. يعمل هؤلاء القتلة عن بعد، ويجهزون على أهدافهم بدقة، وبدون تردد.
 
والآن، لنكبّر المقياس. لنتخيل قناصاً كونياً، مدججاً بقوة نارية تعادل مليارات النجوم من آلاف المجرات، ويطلق سلاحه باتجاهنا. قد تتساءل: ماذا يمكن أن يحدث؟ ستتم إبادتنا كلياً.
 
كما شُرح في آخر حلقة عرضت على قناة "Kurzgesagt" على يوتيوب، فإن القناصة الكونيين، والذين هم عبارة عن ثقوب سوداء، قادرون على إصدار دفقات طاقة شديدة القوة تسمى بانفجار أشعة جاما (GRB).
 
وهي قوية جداً لدرجة أنه إذا أطلقت حتى من على بعد بضعة آلاف من السنوات الضوئية، فإنها ستؤثر على كامل طبقة الأوزون، وتزيلها تماماً، وتترك الكوكب ليحترق بالإشعاعات الشمسية.
 
إن أشعة جاما عبارة عن أمواج كهرطيسية حاملة للطاقة، تماماً كالضوء المرئي، غير أن فوتوناً واحداً منها يحمل من الطاقة ما يعادل مجموع ميلون فوتون مرئي.
تعتبر هذه الأشعة مخيفة، حتى بمقادير صغيرة ومتفرقة، لأنها تشوش الآليات الكيميائية البيولوجية الدقيقة التي تبقي البشر على قيد الحياة.
 
من حسن الحظ، فإن طبقة الأوزون المحبوبة تحمينا من الغالبية العظمى من أشعة جاما قبل أن تؤذينا، ولكن هذا لا يحدث في حالة انفجار أشعة جاما شديد التركيز.
 
باستخدام تلسكوب فيرمي الفضائي لأشعة جاما من ناسا، تمكنا من رصد نوعين من انفجار أشعة جاما، النوع القصير والنوع الطويل.
 
على الرغم من اختلاف المسببات، فإن الحالتين لهما نفس النهاية: ثقب أسود محاط بقرص ممغنط من الغاز المتبقي من النجم الأم، وقادر على إطلاق دفعات شديدة التركيز من أشعة جاما، حيث تنطلق من الثقب الأسود كأنها سلاح ليزري.
 
قد تفسر لنا هذه الإشعاعات سبب عدم اكتشاف دلالات واضحة على وجود حياة على كواكب أخرى حتى الآن، حيث أن قوتها المدمرة تكفي لوحدها للقضاء، وبشكل منتظم، على المخلوقات الفضائية بأعداد كبيرة، منطلقة بشكل عشوائي وبلا اتجاه محدد نحو الظلام.
 
لحسن الحظ، فإن كل الانفجارات التي اكتشفناها أبعد من أن تتسبب لنا بأي أذى. بما أن انفجارات أشعة جاما تنتقل بسرعة الضوء، فإننا لا نملك أية وسيلة لكشفها قبل أن تصيبنا وتقضي علينا جميعاً. في الواقع، فمن المحتمل أن أحدها يتجه نحونا في هذه اللحظة تماماً، بدون اكتشاف، أو سابق إنذار.
 
المصدر: Science Alert