السعودية، أمريكا الشرق الأوسط وحليفها الجديد !!

مشاهد من الفيلم الأمريكي قواعد الاشتباك الذي أنتجته هوليود عام 2000 الذي يتحدث عن اليمن، وحادثة حصار السفارة، وقتل المتظاهرين في قصة جعلت الفيلم من أكثر الأفلام الأمريكية التي تروج الكراهية والعنصرية في تاريخ هوليود ضد العرب والمسلمين، وقد أنتج قبيل أحداث سبتمبر، وقدم اليمنيين فيه بصورة إرهابية وبشكل غير مبرر، كما صور مشاهد بشعة للقتل جعلت مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية يوجه رسالة للبنتاغون ينتقد مشاركة الوزارة في هذا الفيلم، فجاء الرد من الوزير الأمريكي كوهين، أن "صورة الجيش الأمريكي هي المهمة في نهاية المطاف، ولا شي غيرها".

شاء القدر أن تتحقق قصة فيلم قواعد الاشتباك عن اليمن بنفس السيناريو، عندما غادرت كل سفارات العالم من ليبيا أثناء التدخل العسكري هناك، وبقيت السفارة الأمريكية الوحيدة العاملة هناك بحماية عملاء الاستخبارات، حتى جاءت أحداث حصار السفارة وقتل السفير كريتسوفر وعدد من الدبلوماسيين، بصورة مأساوية، بمدينة بنغازي على يد متظاهرين اقتحموا السفارة وأحرقوها.

وللتذكير، السفارة الأمريكية غادرت صنعاء قبيل الحرب السعودية على اليمن، وقد كانت من أوائل السفارات التي أخلت طاقمها بالكامل. وعلى مدى سنوات لم تتعرض سفارات غربية أو عربية في صنعاء لأعمال خطيرة كما جرى للسفارة الأمريكية في ليبيا، عدا أعمال إرهابية انتحارية، وقد امتنعت الولايات المتحدة من إعادة بعثتها إلى بنغازي بعد أن اعتبرت من أكثر الأماكن خطورة في العالم، وأصبحت ليبيا بعد ذلك، رسمياً، معقلاً لداعش.

بالأمس، وأمام حشد جماهيري يمني كبير، أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى الأستاذ صالح الصماد، أن المجلس يرحب بعودة العلاقات مع دول العالم عدا الكيان الصهيوني.

المجلس الجديد في اليمن فتح باب العلاقة أمام الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة الراعية والداعمة للحرب في اليمن، بعد أن تغيرت قناعات الحزب الحاكم في البيت الأبيض، وآخرها اعتراف السيناتور الأمريكي عن الحزب الديمقراطي، كريس مورفي، أن بلاده تتحمل مسؤولية سقوط ضحايا بين المدنيين في اليمن خلال عمليات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية لدعم الشرعية في البلاد.

جاء ذلك في مقابلة حصرية لمورفي على CNN حيث قال: "هناك بصمة أمريكية على كل حياة تفقد في اليمن، لماذا؟ لأنه ورغم أن السعودية هي من تلقي القنابل من طائراتها فهم لا يستطيعون القيام بذلك دون الولايات المتحدة الأمريكية، فهي ذخيرتنا، وبيعت للسعوديين، وتقوم طائراتنا بتزويد المقاتلات السعودية بالوقود جواً، إلى جانب أن استخباراتنا تقوم بمساعدة المملكة وتقديم خارطة للأهداف".

وفي موقف جديد، خلال اليومين الماضيين، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون)، عن سحب خبراء عسكريين من السعودية، وقد وصفت الوزارة الدعم الذي تقدمه للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن بأنه متواضع وليس "شيكاً على بياض".

وأضاف الناطق الرسمي باسم البنتاغون: "حتى لو كنا نساعد السعوديين، فذلك لا يعني إحجامنا عن الإعراب عن القلق إزاء الحرب في اليمن، وكيف تم شنها مع تأكيدنا مراراً للحاجة إلى تقليص الخسائر في صفوف المدنيين إلى الحد الأدنى ولم يقدم العسكريون الأمريكيون في أي مرحلة موافقة صريحة أو ضمنية لاختيار الأهداف أو متابعته".

حسب اعترافات البنتاغون، فإن له خبراء بحدود 50 خبيراً تم سحب 45 مطلع هذا الأسبوع بعد أن أوقف الكونجرس الأمريكي المصادقة على صفقة بيع سلاح للمملكة السعودية.

يقول الأستاذ الدكتور حاكم المطيري، أستاذ بجامعة الكويت وعضو برلماني ورئيس حزب الأمة: (حين يخوض التحالف العربي حرباً في اليمن لمدة سنتين بمئات المليارات دون حدوث تغيير سياسي، فهي حرب وظيفية من أهدافها تشغيل مصانع الأسلحة الغربية!). لذا المصالح للدول لا تخضع لأخلاق فردية رغم نبلها، فالمصالح يحددها الاقتصاد والاستراتيجيه، فعندما تبلغ مبيعات السلاح الأمريكي للسعودية في فترة رئاسة أوباما 110 مليارات دولار منذ الحرب الأخيرة في صعدة عام 2009 فهذه ليست مشتريات سلاح طبيعية، كما يقول أحد المهتمين، بل هو تصفير للثروة بأسلوب مافيوي معولم!

الولايات المتحدة الأمريكية كانت الدولة الوحيدة في العالم تعلم حقيقة الهجوم العسكري السعودي على اليمن، وقد انطلقت عاصفة الحزم بمؤتمر صحفي من السفارة السعودية بواشنطن، وطالما امتدح النظام السعودي، عبر ناطقه العسكري العسيري القول، إن مشروعية حربهم هي بتعاون أمني وعسكري أمريكي وبتنسيق عالي المستوى بين قيادة البلدين.

قبيل انطلاق الحملة العسكرية عقدت اجتماعات عسكرية رفيعة بين قيادات سعودية وأمريكية، لم يتفق الطرفان إلا في اللحظات الأخيرة لشن حرب عاصفة الحزم.

المواقف الأمريكية من حرب اليمن قد تكون مترددة لكنها تتغير تدريجياً، مع ان الخبراء والساسة في الخليج يؤكدون وجود اعتراض أمريكي للحرب واستمرارها وأنها تدعم الحل السياسي، لذا هي لم تصنف الحوثي كحركة إرهابية.

لتأكيد على ما جاء أعلاه، يقول رئيس الاستخبارات السعودي السابق تركي الفيصل والسفير السعودي السابق في واشنطن في رسالته المهاجمة أوباما منتصف مارس الماضي والتي امتدح دور المملكة التي كانت تأمل مشاركة قوات أمريكية، لكنها بادرت دون ذلك إلى التدخل العسكري في اليمن، ضد ميليشيا الحوثيين؛ التي حاولت، بدعم من القيادة الإيرانية، احتلال اليمن.

الأمير السعودي دعا أوباما، بكلمات عتب على إضاعة علاقة الصداقة الممتدة 80 عاماً بين البلدين، قائلاً: "إنك انحرفت بالهوى إلى القيادة الإيرانية إلى حدّ أنك تساوي بين صداقة المملكة المستمرة لثمانين عامًا مع أميركا، سنستمر في اعتبار الشعب الأميركي حليفنا، ولن ننسى عندما حَمِي الوطيس وقفة جورج هربرت ووكر بوش معنا، وإرساله الجنود الأميركيين ليشتركوا معنا في صدّ العدوان الصدامي على الكويت، حين وقفوا مع جنودنا كتفًا لكتف..

الأمير السعودي في الرسالة خاطب أوباما، بحرقة، قائلاً: نحن من يستضيف أكثر من ثلاثين ألف مواطن أميركي، وبأجور مرتفعة، لكي يعملوا بخبراتهم في شركاتنا وصناعاتنا، نحن من يشتري السندات الحكومية الأميركية ذات الفوائد المنخفضة التي تدعم بلادك.

في الحقيقة، أن الدور الأمريكي لم يعد يهتم بالحرب العربية في اليمن، كون الشارع الأمريكي متفرغاً لانتخابات رئاسية، والرجل الأول صنع اتفاق مع العدو الأول إيران، ويتجه شرقاً بعيداً عن مشاكل العرب وحليفته إسرائيل التي أوكلت للحلفاء الجدد أمور المنطقة بالتطبيع أولاً، ما لم فإن تدمير الأنظمة وإشعال الحروب الأهلية والطائفية وتغذية جماعات التطرف هو الخيار الموجود.

إسرائيل أصبح لها الحق في تقرير مصير السلام ككل في المنطقة، ولم تعد القضية الفلسطينية إلا ملفاً ضمن مجموعة ملفات يتم ترتيبها وتوزيعها على حلفاء جدد لأجل مصالح جديدة، طالما والتطبيع هو الشرط البديل عن السلام وحل الدولتين!

حكومة هادي في الرياض لم يعد يهمها اليمن كيف يُدار بشماله والجنوب، اقتصاده وتوفير الغذاء والدواء حتى في شأن المملكة ليس لهم إلا الصمت عن ما يجري في الحدود، وأصبحت شرعية هادي حروباً أخرى تخلق ضرراً أكبر مما يتوقع على الداخل اليمني وخارجه، فهي تدمر الدولة، وتقتل الشعب، وتستفيد منها القاعدة وداعش وتجار الحروب، وتنتج تحالفات متناقضة، قبلية وحزبية وجماعات مصالح مثل الإخوان بحزب الإصلاح الذي سيكون محرك ووقود الحرب ليس إلا!

السعودية ذاهبة في حربها على اليمن إلى ما هو أبعد من القرار الأمريكي بعد أن تجاوز أوباما الخطوط الحمراء معها، ليأتي المرشح الجمهورية ترامب ليقول لو كانت السعودية دون عباءة الحماية الأميركية لا أعتقد ستكون موجودة، وسنوقف شراء النفط إذا لم تتخلص السعودية والخليج من داعش تماماً.

السعودية ابتعدت عن متاهات الرئيس الأمريكي الجديد، وتحركت لوحدها في خيار الحرب، وهو خيار رهيب بكل ما يعنيه هذا الوصف لحرب من هذا القبيل تجري في اليمن، لأن نتائج هذا الخيار سوف تكون أكثر كارثية وأفدح خطراً وأشد دماراً، وسوف تكون السعودية على رأس قائمة المتورطين في هذه الحرب إذا كان هذا هو الخيار المطروح أمامها.

على المستوى العربي يوضح دكتور السياسة بأحد الجامعات المصرية إسماعيل صبري، أن تحالف السعودية يزج بالمنطقة ككل ومحيطها العربي بحرب غير محددة الهدف والأجل، وهذا يثير من التساؤلات أكثر مما يقدم من الإجابات حول حقيقة هذا الكيان العسكري الغامض المسمي بالتحالف العربي، الذي ذهب إلى اليمن منذ نحو عام ونصف وكما لو أنه قد حصل على تفويض أو تكليف عربي أو دولي مسبق بالمهمة التي ذهب إليها من حيث تحديد هدفها وطبيعتها ومداها والأطراف المشاركين فيها. وبرغم انقضاء كل هذا الوقت، فإن التحالف العربي لم ينجز المهمة التي فوض نفسه بها، وإنما زادت الموقف الأمني والسياسي في اليمن تدهوراً، وزرعت من العوائق والعراقيل على طريق التهدئة واستقرار الأوضاع في هذا البلد ما أصبح من المتعذر التغلب عليه واقتلاعه، وهو ما لم يعد سراً خافياً على أحد داخل اليمن وخارجه.

ويضيف دكتور السياسية صبري، أنه "لا السعودية ولا غيرها في وضع يسمح لها أو لهم بالدخول مجدداً في مثل هذه الحرب التي سوف تشعل حريقاً هائلاً في المنطقة لن يكون من السهل إخماده حتي ولو تدخل فيه كل الوسطاء الدبلوماسيين في العالم.

بل قد يكون هذا هو المطلوب ممن يتآمرون على السعودية بإغراقها في الفوضى، وحذفها من المشهد حتى يغيب دورها من الصورة، وتتغير بالتالي الحسابات والتوقعات والقرارات.. القرار بالحرب سوف يكون معقداً ومكلفاً إلى أبعد الحدود، ولن يجد من سوف يتحمس له أو يشارك فيه إلى النهاية.

قرار إنهاء حرب اليمن تحكمه الضرورات والتحالفات الجديدة بعد أن نالت السعودية لقب (أمريكا الشرق الأوسط) وإسرائيل حليفتها الأولى تتحدث صحيفة أمريكية أن إسرائيل والسعودية حليفان عسكريان بالبحر الأحمر، ويقومان بعمل تدريبات عسكرية مشتركة، وأعمال عسكرية ضد اليمن بمشاركة طيارين يهود، لأن مصالحهم متطابقة، والعدو من وجه نظرهم واحد وهو إيران والحوثيون الشيعيون، ويستخدمان الآن البحر الأحمر والجزر هناك للتدريب والتنسيق عسكرياً، وخصوصاً وهناك زيارات عسكرية ومدنية متبادلة، وخاصة من قادة الجيش السعودي لإسرائيل.

كاتب مصري يقول، إن امتلاك السعودية لتيران وصنافير جزء من استراتيجية عسكرية واقتصادية مهمة مشتركة بين السعودية وإسراييل وأمريكا.

وبعض الخبراء يؤكد أن التنازل عن ملكية جزيرتي تيران وصنافير هي خطوة أولى تمت الموافقة عليها من إسرائيل (وأمريكا) سرياً قبل إعلانه، وحصلت إسرائيل وأمريكا من السعودية كتابة بالموافقة على احترام وتطبيق شروط معاهدة كامب دافيد الذي وقعت عليه مصر، أي أن السعودية وقعت وقبلت كامب دافيد ولو جزئياً مثل مصر، وأصبح لكامب دافيد أربعة أطراف: مصر، والسعودية، وإسرائيل، وطبعاً أمريكا.