بيان "تاريخي" للبرلمان اليمني
أصدر البرلمان اليمني في ختام جلساته، الأحد 14 أغسطس / آب 2016، بيانا مهما، عقب منحه الثقة لرئيس وأعضاء المجلس السياسي الأعلى الذين أدوا اليمين الدستورية كـ سلطة عليا لإدارة البلاد.
نص البيان:
قال تعالى : " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"
يا أبناء شعبنا اليمني الصامد الصابر:
ها هي إرادتكم تثبت اليوم حضورها مجددا في لحظة مفصلية من المسار التاريخي ليمننا العريق، في وقت تتساقط فيه أقنعة الزيف والادعاء بالانتساب إلى آلامكم وتطلعاتكم، وتتحطم على صلابتكم آلات الحرب والدمار، وصلف العنجهية والعدوان.
اعتمادا على الثقة التي منحتمونا إياها في التعبير عن إرادتكم وترجمة نزوعكم نحو الخيارات الوطنية، فإننا نجدد العهد بمواصلة السير على دروب الحياة الدستورية، والحفاظ على مؤسسات الدولة وتعزيز دورها في ممارسة مهامها وفقا للدستور والقوانين النافذة.
إننا اليوم وبعد ما يزيد على ستة عشر شهرا من عدوان بربري همجي تقوده مملكة الشر مدججة بإيديولوجية وقوى إرهابية ضد شعبنا، نؤكد للقاصي والداني أن هذه الأرض أرض حياة، وهذا الشعب شعب ضارب الجذور في أعماق التاريخ له من مآثر البطولات ما تصغر أمامه أراجيف الأقزام، وتتكسر على عتبات صموده صواريخ العدوان وطائراته وأمواله وكل ما يمتلك من آلات الحقد والدمار.
ونؤكد للعدوان أن إرادة الشعب اليمني على أرضه أقوى مما تصور لكم خيالاتكم وتزين لكم شياطينكم، ونقول له: اتقوا نفاد صبر شعب التاريخ أمام مملكة اللحظة.
يا أبناء شعبنا اليمني المجيد:
إن الشرعية التي يتشدق بادعائها الفرّارين سقطت شعبيا ودستوريا بخيانتهم أمانة المسؤولية وتآمرهم على البلد باستجلاب عدوان خارجي أثيم، ما يضعهم تحت طائلة الخيانة العظمى والمساس باستقلال وسيادة البلاد، وفق الدستور النافذ.
إن الشرعية الحقيقية الوحيدة القائمة اليوم تتمحور في مجلس النواب بموجب قوة الدستور وأحكامه التي تؤكد بجلاء استمرار المجلس في مباشرة سلطاته الدستورية.
إن مدى انزعاج العدوان وأدواته من استئناف المجلس لأعماله، لا يأتي من القوة الدستورية والشعبية للمجلس فحسب، فقد طرحوا الدستور جانبا عندما عبثوا بروحه ونصوصه، وخانوا الشعب حين استدعوا عليه العدوان وشذاذ الآفاق، بل إن قلقهم وانزعاجهم كامن في تشبثهم الهستيري بمرجعيات خارجية للعملية السياسية اعترفت بمجلس النواب كمؤسسة رسمية وشعبية لا غنى عنها في إضفاء المشروعية على أية تسويات ومخرجات سياسية.
إننا واستنادا على شرعيتنا الشعبية والدستورية، وتعبيرا عن ضيق اليمنيين ذرعا بالفراغ السياسي التنفيذي، وترجمة لتطلعات اليمنيين في عودة الحياة الدستورية الطبيعية، والحفاظ على مؤسسات الدولة وتمكينها من الاستمرار في ممارسة أدوارها وفقا للدستور والقوانين النافذة، فإننا باركنا ونبارك اتفاق صنعاء الموقع في الثامن والعشرين من يوليو 2016ميلادية بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأنصار الله وحلفائهم والذي تمخض عنه تشكيل المجلس السياسي الأعلى لتوحيد جهود مواجهة العدوان السعودي وحلفائه ولإدارة شؤون الدولة في البلاد سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا وإداريا واجتماعيا وغير ذلك وفقا للدستور، في الوقت الذي ندعو فيه بقية القوى السياسية والاجتماعية للانضمام إلى هذه الخطوة اليمنية الخالصة بعيدا عن مؤثرات الأجندات الخارجية التي لا همّ لها إلا مصالحها وإن كانت غير مشروعة وعلى حساب الشعب اليمني.
إن هذه المباركة تأتي بناءا على تجربة مريرة لليمنيين على مدى خمس سنوات عانى خلالها الشعب من التفاف أدعياء الشرعية في فنادق الرياض على مرجعيات العملية السياسية حينها والقرارات الدولية ذات الصلة لإطالة فترة بقائهم في السلطة ضاربين عرض الحائط بتلك المرجعيات المؤكدة لوضعهم الانتقالي المزمن، وكذا المماطلة والتملص من تنفيذ التزاماتهم المزمنة المترتبة على تلك المرجعيات ومخرجاتها.
لقد انتهى عجزهم الشديد في إدارة شؤون البلاد باختيار خانة العمالة وجلب عدوان خارجي غادر.
ورغما من ذلك سعت القوى الوطنية لرفع معاناة اليمنيين من العدوان العسكري والحصار الاقتصادي عبر استجابتها لدعوات الأمم المتحدة والقوى الخيرة وبمقدمتها الأشقاء في دولة الكويت وسلطنة عمان في خوض مشاورات سياسية جرت فعلا في جنيف لمرتين ثم في دولة الكويت الشقيقة لنحو ثلاثة أشهر، بيد أن القوى الوطنية وجدت تعنتا واضحا في المشاورات يستهدف استمرار العدوان وإجهاض أية حلول شاملة وكاملة تصب في مصلحة اليمنيين وتحفظ ماء الوجه لمختلف الأطراف.
وهنا نجدد التأكيد أن معالجة الأزمة اليمنية لن تكون إلا عبر حل يمني يمني ينبني على ما سبق من اتفاقات سياسية داخلية.
يا أبناء شعبنا اليمني الأبي:
لقد استطعتم وما زلتم تتصدون ببطولات نادرة على مدى يتجاوز الستة عشر شهرا دون معاونة من شقيق أو كلمة حق من صديق، لعدوان عسكري وسياسي واقتصادي غاشم تمكن بأموال نفط الشعوب العربية من إخراس ضمائر العالم الرسمي بما في ذلك الأمم المتحدة ومؤسساتها التي وفرت غطاءا سياسيا دوليا لصلف العدوان وغطرسته وجرائمه.
وهنا ندعو الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤوليتهم الأخلاقية تجاه الشعوب بدلا من توفيرهم أغطية الظلم والعدوان على الشعوب مثلما حدث لشعبنا اليمني بمنح الأمم المتحدة ومجلس الأمن عصا الحصار الاقتصادي المطبق وشرعنة العدوان العسكري أمميا.
إننا من قاعة الشعب وباسم الشعب ندعو أحرار العالم وبقايا الضمير الإنساني إلى المساعدة في رفع معاناة اليمنيين بكشف جرائم العدوان ومجازره الوحشية بحق المدنيين العزل، والضغط على المنظمات الدولية المعنية بتشكيل لجان تحقيق محايدة، والمساهمة في ملاحقة قادة العدوان للوصول إلى مثولهم أمام المؤسسات القضائية الدولية.
وندعو الرأي العام في الدول الكبرى إلى الضغط على حكوماته لوقف تزويد دول العدوان بالسلاح الذي أعمل القتل في نساء وأطفال اليمن.
كما نناشد البرلمانات العربية والإسلامية والعالمية، والبرلمان العربي، والاتحاد البرلماني العربي، واتحاد برلمانات الدول الإسلامية، والاتحاد البرلماني الدولي أن يحذوا حذو البرلمان الأوروبي في صدحه بكلمة الحق بوجه عدوان التحالف السعودي، واتخاذ مواقف وإجراءات إيجابية تساعد في إعادة حق اليمنيين في العيش بسلام وبظروف طبيعية.
التحية والإجلال لجيشنا اليمني الباسل وللجان الشعبية وأبناء الشعب.
المجد والخلود لشهداء معركة الدفاع الوطني والشفاء للجرحى.
العزة والصمود للشعب اليمني العظيم
الويل والثبور للخونة والعملاء
صادر عن مجلس النواب