ديلما روسيف.. "امرأة البرازيل الحديدية" حتى الرمق الأخير

تقارير قالت إن "الرئيسة روسيف المتهمة بالفساد ليست إلا ضحية بريئة للفاسدين". وقال وزير العدل البرازيلي إنهم يدينون "سيدة بريئة"، ووصف إجراءات عزلها بأنها "ظلم تاريخي".

الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، قاومت حتى الرمق الأخير ورفضت الاستسلام ورفع الراية البيضاء، ولم تتنازل أبداً عن وصف ما يحدث بـ"انقلاب".

زلزال سياسي

التعاطف والحزن عم البرازيل وطاقم روسيف الرئاسي، التي علقت مهامها الخميس لمواجهة اجراء اقالتها بتهمة التلاعب بالحسابات العامة، تنتقل السلطة الى نائبها ميشال تامر "الذي طعنها في الظهر".

ويقول حزب روسيف وتقارير إعلامية وكتابات صحفية، إن "لوبي الرأسماليين الكبار في البرازيل، من بينهم مسئولون سابقون ورؤساء أحزاب ورجال أعمال تكتلوا ضد الرئيسة التي مثلت تهديداً لتاريخ من الإثراء والمصالح والمنافع المتبادلة بين الماليين والسياسيين".

وقرر مجلس الشيوخ، الخميس، وقف روسيف عن العمل لمدة 180 يوماً، وإخضاعها لمحاكمة بتهمة التقصير ومزاعم بتلاعبها في أرقام حسابات مالية لإخفاء عجز حكومي متزايد قبل إعادة انتخابها في انتخابات 2014، لكنها تنفي هذه التهمة.

وتصف فرانس برس ما حدث بأنه "زلزال سياسي ينهي 13 عاماً من حكم اليسار في أكبر دولة من أميركا اللاتينية."

"ظلم تاريخي"

وصوت مجلس الشيوخ بغالبية 55 من أصل 81 عضواً لصالح توجيه التهم إلى الزعيمة اليسارية، فيما عارض ذلك 22 عضواً. وسيتولى نائبها ميشال تامر السلطة خلال النهار إلى حين صدور الحكم النهائي لمجلس الشيوخ بحلول ستة أشهر.

لن تتمكن روسيف، التي يصفها البرازيليون بـ"امرأة البرازيل الحديدية"، من استكمال برنامجها المتواصل منذ بدء رئاستها لمكافحة ومواجهة "التفاوت الاجتماعي".

وصلت إلى الحكم لأول مرة عام 2010 خلفًا للرئيس السابق لولا دي سيلفا بعد اختيارها في عام 2009 كمرشحة لحزب العمال اليساري بينما لم تكن قد ترشحت لأي اقتراع من قبل وليست من الأعضاء التاريخيين للحزب - بحسب ما نشرته فرانس برس.

قال وزير العدل، خوسيه إدواردو كاردوزو، في كلمة ألقاها في نهاية جلسة مجلس الشيوخ، إن طلب عزل الرئيسة ليس له أساس قانوني، وإن المعارضة تسعى إلى عزل رئيسة منتخبة ديمقراطياً.

وأضاف، أن أعضاء المجلس يدينون "سيدة بريئة"، ووصف الإجراءات الرامية لعزلها بأنها "ظلم تاريخي".

"مؤامرة- انقلاب"

تقول افتتاحية "رأي اليوم" اللندنية، "الرئيسة سوريف ضحية مؤامرة أمريكية إسرائيلية مزدوجة، لأنها وقفت مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في مواجهة الإرهاب الإسرائيلي، وأيدت بشدة قيام دولة فلسطينية مستقلة، ورفضت أن تقبل بتعيين داني ديان، أحد أبرز قادة المستوطنين اليهود، سفيراً لدولة الاحتلال في البرازيل، وهي خطوة نادرة في عالم الدبلوماسية، وتسجل سابقة وعرفاً في هذا المضمار، تحتذيها دول أخرى، تؤكد عدم شرعية الاستيطان، وعدم القبول بالمستوطنين كسفراء".

وتعلق الجريدة "من يقرأ كلمة "الفساد" يعتقد أن الرئيسة روسيف غارقة في نهب المال العام، وإقامة القصور، وامتلاك حسابات سرية، ولكن الواقع نقيض لذلك تماماً، فالتهمة الموجهة إليها هي "التلاعب في أرقام الحسابات العامة لإخفاء العجز في الميزانية"، وهي خطيئة سياسية ارتكبها كل الرؤساء قبلها، ولم يتعرض أي منهم لما تعرضت له."

مضيفة، "انه انقلاب دستوري" ضد هذه السيدة المناضلة التي حاربت الديكتاتورية في بلادها، وتعرضت للسجن والتعذيب بالصعقات الكهربائية، ورفضت التخلي عن قيمها ومبادئها، واستمرت في العمل السياسي في إطار الحزب الاشتراكي اليساري حتى وصلت إلى قمة السلطة في بلادها، بعد أن تتلمذت على يد استاذها لولا داسلفا، العامل البسيط الذي قاد الطفرة الاقتصادية في مطلع الألفية الحالية، التي وضعت البرازيل في مصاف القوى الكبرى."

وديلما روسيف، بحسب الافتتاحية أيضاً "مثل هوغو تشافيز (فنزويلا)، ايفو موراليس (بوليفيا)، دانيال اورتيغا (نيكاراغوا)، تمثل الجيل الاشتراكي من زعماء أمريكا اللاتينية الذين تحدوا الغطرسة والهيمنة الأمريكية، وانتصروا للطبقة الفقيرة المسحوقة، وعانوا الكثير بسبب هذه المواقف."

كفاح وسجن

ديلما روسيف (68 عاماً) المولودة في 14 ديسمبر 194، هي رئيسة البرازيل السادسة والثلاثين منذ الأول من يناير عام 2011. وأول امرأة برازيلية في المنصب، وهي عضو في حزب العمال البرازيلي، سنة 2005 عينت كوزيرة لشؤون الرئاسة من قبل الرئيس لولا دا سيلفا، لتصبح أول امرأة تتولى ذلك المنصب.

ديلما ابنة مهاجر بلغاري، ولدت في مدينة بيلو هوريزونتي البرازيلية، التحقت بصفوف أقصى اليسار وناضلت ضد سياسة القمع التي انتهجها الحكم الاستبدادي. أمضت ثلاث سنوات من حياتها في السجن وتعرضت للتعذيب هناك والصعقات الكهربائية، واستعادت حريتها سنة 1972.

قالت روسيف في الأول من يناير2011 عند تسلمها الوشاح الرئاسي من أيدي لولا دي سيلفا: "أنا سعيدة، ولم أشعر بذلك إلا نادرًا في حياتي، للفرصة التي أعطاني إياها التاريخ بأن أكون أول امرأة تترأس البرازيل".

مجلة فوربس الشهيرة صنفت ديلما روسيف عام 2015 ضمن مجموعة من أقوى سبع نساء في العالم، كما أنها تُشبه بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

ميشال تامر

ميشال تامر، اللبناني الأصل، نائب روسيف وهو من سيخلفها في الرئاسة يتهم بأنه "الذي طعنها في الظهر"، عندما غادر فجأة الائتلاف الرئاسي في حركة ممنهجة أمام الضغوطات التصعيدية ضد الرئيسة وحزبها، وطلب من نواب حزبه حرمانها من الثقة في البرلمان، لكي يحل محلها لمدة ستة أشهر على الأقل، إلى حين صدور الحكم النهائي لمجلس الشيوخ.

وتامر، أستاذ في القانون ويبلغ من العمر 75 عاماً، وأصوله لبنانية. وكان شخصية مهمة في فترة الاضطرابات الأخيرة.

وظل تامر حتى الآن، كما تقول محطة بي بي سي، صانع الرؤساء، لكنه لم يكن رئيساً، وقد ساعد على تشكيل تحالفات مع جميع الرؤساء خلال عقدين من الزمن.