ترجمة| الرئيس اليمني السابق يتحدث عن الوضع السياسي الراهن (مقابلة)

على خلفية التطورات المعقدة والمتشابكة في اليمن، والاندفاع للأحداث، لا يزال الرئيس السابق علي عبد الله صالح شخصية قوية في المعترك السياسي.

جاء تنحيه عن السلطة تحت الترتيبات المؤقتة التي أدخلتها المبادرة الخليجية في مارس 2012، وخلفه نائبه الرئيس عبد ربه منصور هادي. ومع ذلك، احتفظ بمنصبه كرئيس للحزب الحاكم السابق، (حزب المؤتمر الشعبي العام).

وكان صالح ضحية لمحاولة اغتيال في يونيو عام 2011 ونقل إلى مستشفى عسكري في المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج. وبعد شفائه، عاد إلى اليمن لاستئناف نشاطه السياسي. وفي الآونة الأخيرة، عندما دخل الحوثيون وسيطروا على مواقع استراتيجية في العاصمة صنعاء، وأكدوا أنفسهم كقوة سياسية كبرى، توالت الشبهات والاتهامات ضد الرئيس صالح بتعاونه مع الحوثيين على إسقاط صنعاء، كما توالت الاتهامات بأنه لايزال يسيطر على القوات المسلحة.

وظهرت أعراض التوازن الجديد للقوى في العاصمة والتي وقعت اتفاقية السلم والشراكة في 21 سبتمبر.

بعد ذلك، بوقت قصير، قام مجلس الأمن الدولي، استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بفرض عقوبات ضد علي عبد الله صالح وقادة الحوثيين على أساس عرقلة العملية السياسية.

واتهم الرئيس السابق الأمم المتحدة بأن هذه الخطوة قد وضعت اليمن تحت الوصاية الدولية، مما يشكل اصطداماً صارخاً على سيادتها. وقال إن آراء ومواقف الأطراف اليمنية المتباينة لا تبرر وضع اليمن تحت أحكام الفصل السابع.

وعلى الرغم من هذا، مؤكداً أن حزبه، المؤتمر الشعبي العام، قد استجاب بشكل بناء من خلال جهوده المستمرة لتجنب المخاطر والأخطار التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأزمة والتي يعاني الشعب اليمني منها منذ ثلاث سنوات.

وقد التقى "الأهرام أون لاين" مع الرئيس اليمني السابق في منزله، الذي كان يضج بالصحفيين والسياسيين الذين عملوا معه في الماضي، جنباً إلى جنب مع قادة حزب المؤتمر الشعبي العام.

- المقابلة فتحت بالحديث عن دور صالح في المشهد السياسي الراهن، وفي المستقبل.

"أنا فعل ماضى، من الماضي. أما السؤال عن مستقبل اليمن، فيجب أن يطرح للقيادات الحالية في اليمن، وليس لي. أما بالنسبة لي، إذا كنت تريد جوابي على هذا السؤال فهو: أتمنى لليمن واليمنيين الأمن والسلام والاستقرار والتقدم والحفاظ على كل ما تم إنجازه مع إضافة إنجازات جديدة. هذا هو رأيي".

- بعد فبراير ومارس 2012 كان هناك انطباع عام بأن اليمن سوف يتحرك، نحو الاستقرار. واستمر هذا الانطباع حتى 21 سبتمبر 2014. والآن كل شيء تراجع لا وجود للأمن ولا وجود للاستقرار، ازداد الفقر. ما هو تقييمكم على الوضع الحالي؟

الجميع كان يأمل بأن تتحسن الأمور. أمل الناس بأن التغيير في عام 2011 من شأنه سيحقق شيئًا أفضل من ما هو موجود. اليوم، يأملون في الحفاظ على ما تم تحقيقه في الماضي وقبل عام 2011.

- ولكن ما هو تقييمك للوضع السياسي واليمن والوضع الحالي للمواطن اليمني؟

يؤلمني أن أرى المؤسسات تنهار والبلاد تتجزأ وتتشظى، وكل إنجازات الماضي جرى تدميرها. حسناً، لذلك حاولوا إبقاء نقاط الماضي الإيجابية.. وتقديم شيء أفضل من السلبيات، ولكن ماذا كان الثمن! إنها كارثة".

- ألستم جزءاً من الحل في هذه الأزمة؟

لا... الحل هو في أيدي صناع القرار.

- وأنت لست بصاحب قرار.. إذن أين موقعكم في المشهد الحالي؟

أنا عاتقي يقع في تنظيم سياسي يسمى المؤتمر الشعبي العام، الذي يحاول مساعدة، واستعادة الهدوء، وغرس راحة البال، وتعزيز الهدوء مع الحكومة، والتعاون مع مجلس الوزراء.

الحكومة لم تطلب هذا منا، ولكننا نريد أداء واجبنا لشعبنا. كل هذا لتعزيز واستعادة الهدوء ومساعدة المؤسسات العسكرية والأمنية والسياسية للتغلب على هذه الأزمة. ولكن ليس لمجرد الإيقاع بأنفسنا في أزمة أخرى. المفروض أن نتجاوز أزمة 2011، ونجعل حداً لها والانتقال إلى ما هو أفضل، بدلاً من خلق أزمة أخرى. لكن نخرج من أزمة فنجد أنفسنا في أزمة أخرى، فمن أزمة إلى أزمة.. وكلما قلنا إنها ستنفرج بدت أزمة أخرى أكبر من الأولى. هذا للأسف الشديد.

- هل لديك بعض الخلاف مع الحكومة الحالية أو مع الرئيس هادي في ضوء التطورات الأخيرة المتعلقة بالعقوبات والوضع الحالي؟

ليس لدي أي خلاف مع أي شخص. هم على خلاف مع أنفسهم. يخرجون ويقولون للأميركيين والأمم المتحدة والدول المجاورة إن علي عبد الله صالح هو جزء من المشكلة.

إذا قطع أحد الطريق، قالوا علي عبدالله صالح.. وإذا انطفأت الكهرباء قالوا علي عبدالله صالح، وإذا فجروا أنابيب النفط قالوا علي عبدالله صالح، وإذا تدهور الوضع الاقتصادي قالوا علي عبدالله صالح، وإذا تحرك الحوثيون قالوا علي عبدالله صالح، وإذا تحركت القاعدة قالوا علي عبد الله صالح.. هذه هي السلطة الحالية.

- ماذا لديك لتقوله حول المبادرة الخليجية التي تتم بقيادة سلطنة عمان؟

أعتقد أن المبادرة الخليجية الأولى كانت جيدة. ولكن تم الالتفاف عليها وتم تسييس مخرجاتها بطريقة غير جيدة. لذلك، كما ثبت تصريح للإخوة فى سلطنة عمان أنهم تقدموا بمبادرة خليجية، لا أعرف هل هي متفق عليها مع دول مجلس التعاون، أم هي مبادرة لسلطنة عمان لتطوير المبادرة الخليجية الأولى. في كل الأحوال أرحب بها.

- هل تواصل أحد معكم فيما يتعلق بهذا الموضوع؟

لا، ولكن الدول المجاورة لنا - عمان وأبو ظبي ودول الخليج الأخرى - تعهدت بالوقوف إلى جانب اليمن ومساعدته. لكن ليس بالمال. ولكن بالنسبة للمساعدة السياسية، من أجل وضع حد لهذه الأزمة في اليمن. فهناك أزمة خانقة. وليست هناك ثقة متبادلة بين جميع ألوان الطيف السياسي، وهذا ما يؤدي إلى صراع.

نحن نتطلع إلى دور خليجي قوي وفعال. فمن الأفضل لو أن دول الخليج ضغطت على الأطراف بالتنفيذ والالتزام بمبادرة الخليج الأولى.

- هل هناك خلاف بينكم وبين المملكة العربية السعودية الآن؟

ليس لديّ خلاف مع المملكة العربية السعودية، ولا أي طرف على الإطلاق، وما تكتبه الصحف التابعة للإخوة في المملكة العربية السعودية هي بناءً على طلب داخلي، على طلب من الداخل أن نحاصره، نحاصر علي عبدالله صالح من أمريكا، نحاصره من الأمم المتحدة، نحاصره من دول الخليج، نحاصره من هنا وهناك... أنا لم أكن أتصور أني رقم مهم إلى هذا الحد.

- ألستم رقماً مهماً؟

كنت رقماً مهماً في ذلك الوقت عندما كنت حاكماً، لكن هل بعد هذا أهمية، من يعلم!؟

- ماذا عن التدخلات الإقليمية الأخرى في اليمن؟

ليس لديّ علاقة في هذا الموضوع. أنا لا أعرف التفاصيل. لكن، وكما أرى، عندما تصبح الأوضاع خارجة عن نطاق السيطرة في البلاد وعندما يضعف أداء الحكومة، فمن المحتمل جداً أن الأسود والثعابين وجميع أنواع الوحوش تبدأ في التدخل.

- إذن الدولة في لحظة ضعف الآن؟

لا أعتقد ذلك. هي في قوة أكثر من أي وقت مضى.

- اذاً، الدولة اليمنية قوية اليوم؟

نعم. في تقديري، هذا هو الحال.

- هل يعني أن المؤسسة العسكرية والأمنية قوية؟ ماذا عن هذه المظاهر في الشوارع والسيطرة للحوثيين؟

- نعم.. أنا لست بصدد تحليل للمشهد الآن، أنا كنت حاكماً، سيقولون هذا غضبان ومتعطش للسلطة.. فهذه طريقة تحليلي، لكن يمكن للسياسيين الآخرين أن يقولوا هم رأيهم فى هذا.

- لكن البعض يقول إنك فاعل في المشهد، وهناك من يتهمك، وهناك من يدعمك؟

أنا لا أستطيع أن أكمم أفواه الآخرين. فهم أحرار فيما يقولونه.

- فيما يتعلق بمصر، كيف تقيمون الوضع؟ هل من علاقة بينكم وبين مصر؟

هذا هو صلب الموضوع - مصر. أعتقد أن الربيع العربي هو سيء، ومدعوم صهيونياً. ولكن هناك شمعة مضيئة الآن مع وجود الرئيس عبد الفتاح السيسي في أعلى هرم السلطة في مصر، والقضاء على جماعة الإخوان المسلمين، لأن الإخوان المسلمين كانت قوى فاشية ورجعية.

- لكنك لم تقصهم. وكنت تتعامل معهم وأدخلتهم في كل فروع الدولة ومفاصلها؟

- أنا كنت أتعامل معهم، بل ومتحالف معهم، حتى تآمروا على قتلي. لكن الشمعة المضيئة من 2011 إلى اليوم هو وجود الرئيس المشير عبد الفتاح السيسي على هرم السلطة. الآن هناك انفراج في مصر، مصر مهمة لنا وللأمة العربية، مصر ثقافة، مصر جيش، مصر أمن، مصر سياحة، مصر اقتصاد، مصر بالنسبة لنا مهمة، ثقافتنا هنا في اليمن كلها ثقافة مصرية وتعليمنا كله مصري.

- هل ينعكس هذا على اليمن؟ فهناك من يقول إن مصر غائبة عن اليمن؟

لا.. مصر ليست غائبة، مصر عندها مهام والتزامات، وهي الآن بصدد تصحيح الأوضاع التي خلفتها التسعة الأشهر، فترة حكم الإخوان المسلمين، وما قبلها الفترة الانتقالية بعد حسني مبارك خلال المرحلة الانتقالية، أيام المشير طنطاوي، والآن بصدد ترتيب البيت المصري.

فلا أحد يلوم مصر، فمصر حاضرة في وجدان كل العرب. مصر بالنسبة لنا هي القلعة الحصينة التي هي قلعة كل العرب، فلا أحد يستغني عن مصر.